وأم سلمة وحفصة، ولم يحفظ عن أحد الامتناع منه، وبذلك احتج مالك على أبي يوسف حتى اضطره إلى ترك مذهب صاحبه والقول بمذهب مالك، ولأنه تحبيس عقار على وجه القربة فأشبه المسجد والمقبرة، ولأن كل ما جاز أن يلزم بالوصية بعد الوفاة جاز أن يلزم بقوله حال الحياة كالعتق، ولأنها جهة من جهات البر فجاز أن يلزم بغير حكم الحاكم، أصله الهبة والصدقة.
[١١٩٣] مسالة: ويصح وقف المشاع، خلافاً لمحمّد بن الحسن؛ لحديث عمر أنه وقف مائة سهم، ولأن كل عرصة جاز بيعها جاز وقفها كالمقسوم.
[١١٩٤] مسالة: رقبة الوقف على ملك الواقف، وللشافعي ثلاثة أقاويل: أحدها مثل هذا، والثاني ينتقل إلى الموقف عليهم، والثالث إلى الله تعالى؛ فدليلنا على أنه على ملك الواقف قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمر:"حبس الأصل وسبِّل الثمرة" وهذا يقتضي تبقيته على ما كان عليه، ولأنَّ المالك تصدق بالمنافع وألزم نفسه ذلك وليس في هذا إخراج الأصل عن ملكه كالعارية؛ ودليلنا على أنه لا ينتقل إلى الموقف عليهم ما ذكرناه من قوله:"حبس الأصل وسبل الثمرة" ففيه دليلان: أحدهما أن التحبيس ينفي نقل الملك، لأن من ملَّك غيره شيئاً لا يقال حبسه، والثاني: أنه لا فرق بينه وبين الثمرة، وقد ثبت أن الثمرة تخرج عن ملكه إلى ملك الموقف عليهم فدل على أن الأصل لا يكون ملكاً لهم، لأنه لو كان ملكاً لهم لم يجز فيه شرط المنع من البيع والهبة والتصرف، ولا صرفه إلى وجه آخر بعد موتهم، ولأنّه كان