المراد به النصف الواجب للمطلقات فسقط عن الزوج، فلما عطف بحرف "أو" كان حقيقته عفوًا عن ذلك النصف، وفي حمله على الزوج حمل له على العفو عن نصف آخر، وذلك خلاف الظاهر، والرابع أن في حملها على ما قلناه سلامتها من التكرار [أو] في حملها على الزوج تكرار، لأنه قد توجه ثبوت الخطاب إليه بالعفو بقوله:" وأن تعفوا أقرب للتقوى "، فكان ما قلناه أولى، والخامس أن الله تعالى ندب إلى العفو من كلا الطرفين، فندب إلى الأزواج بقوله:" وأن تعفوا أقرب للتقوى " ولم يفصل، لأنهم يملكون أنفسهم، ثم لما ندب النساء وكن ينقسمن إلى ثيب يملكن أنفسهن ولا حجر عليهن، وإلى أبكار يولَّى عليهن، خاطب الثيب بإيقاع العفو منهن وامتنع ذلك في الأبكار، فعدل إلى الأولياء المالكين أمورهن، وهم الآباء، ومتى جعلناه للأزواج أخرجنا الأبكار من حيز من يندب إلى العفو، ولأنهن أحد نوعي الزوجات فجاز أن يلحقهن الندب إلى العفو عن نصف الصداق كالثيب، ولأنها أحد الزوجين فلحقها العفو عمومًا كالزوج، ولأنه ولي يملك الإجبار فجاز له العفو عن صداق من يملك إجبارها، أصله السيد في أمته. [١٣٠٠] مسألة: للأب أن يزوج البكر بأقل من صداق مثلها إذا راه نظرًا، خلافاً للشافعي؛ لأن الأب لما كان هو الناظر لها والقيم بمصلحتها، وكان غير متهم عليها في إسقاط حقها، وكان المقصود من النكاح العفة والصلاح دون المتاجرة والأرباح، جاز له إنكاحها بمهر مثلها وأقل وأكثر، لأنه لا يمنع أن يرى ذلك حظاً بأن يختار لها من يحسن عشرتها ويلحقها من بره وحسن معاملته ما يوفي على قدر ما يحط من صداق المثل، إذا كان هذا المعنى فهو المقصود بالعقد، ولأنا قد دلَّلنا على أن له العفو عن