ودليلنا قوله تعالى:" فلا جناح عليهما فيما افتدت به "، ولأن الحمل والغرر يصح أن يملك بالوصية والهبة، فجاز أن يكون بدلاً في الخلع كسائر الأعيان، ولأن جهالة قدر الحمل وصفته ليس بأكثر من جهالة مهر المثل، وقد أجازاه، فخالفنا، ولأن الخلع طريقه طريق الهبة والصلة، بخلاف عقود المعاوضات فكأنه بذل لها الصداق ثم وهبت له غررًا مجهولاً.
[١٣٢٧] مسألة: يصح الخلع من الأجنبي للزوج، خلافًا لأبي ثور؛ لأن الأجنبي من أهل المعاوضات يصح منه البدل في غير الخلع، فصح في الخلع كالزوجة ولأنه لما كان للزوج أن يطلق بغير شيء كان له أن يطلق بعوض على أجنبي كالخلع.
[١٣٢٨] مسألة: وإذا خالعته المريضة بقدر ميراثه منها جاز، وقال ابن نافع عن مالك يجوز بالثلث كفه، وقال الشافعي إن خالعته بقدر مهر مثلها جاز، وكان من رأس المال، وإن كانت زيادة عليه كانت الزيادة في الثلث؛ فدليلنا عليه أن اعتبار مهر المثل في هذا الموضع لا معنى له، ولأنه ليس في معاملته ما يقوم به لما قد بيناه، لأن خروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له فيما تبذله المرأة في مقابلته، إنما هو فيما لا قيمة له، وذلك يكون في الثلث كالهبة.
[١٣٢٩] مسألة: إذا خالعها بعد الدخول ثم تزوجها في عدتها بصداق مسمى ثم طلقها قبل أن يدخل بها استحقت نصف ذلك المسمى، وقال أبو حنيفة لها جميعه؛ فدليلنا قوله تعالى:" وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم "، ولأنه طلاق في نكاح لم تمس فيه فلم تستحق به كمال المهر، أصله المتزوج ابتداء.