للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كناية، فالصريح عندهم: الطلاق، والفراق، والسراح، والكلام معهم في موضعين: أحدهما معنى الصريح والكناية، و [الثاني] هذه الألفاظ تفتقر إلى نية أو لا تفتقر إليها.

ودليلنا على الفصل الأول، أن الصريح ما دل على معناه بنفسه، ولم يحسن أن يستفسر عنه بلفظه، والكناية ما يحسن ذلك فيه، وتبيين ذلك أن قوله: معي درهم، صريح في الدراهم، ولا يحسن أن يستفسر عنه هل أراد به الدراهم أم لا، لأنه صريح فيه، ولو قال معي شيء أو مال أو ما ينفق أو شيء منقوش، لحسن أن يقال هل هو درهم أو غيره، لأنّ ذلك كناية، وليس بصريح، ثم وجدنا قوله: أنت طالق، من هذا القبيل، أنه لا يحسن أن يقال: أيُّ شيء أردت بقولك أنت طالق، على أن يستفسر على جنس الشيء الموقع دون عدده، ولو قال قد فارقتك لحسن أن يقال أي فرقة أردت، وهل أردت فرقة الطلاق، أو فرقة عن شركة بينهما، أو فرقة المحاسبة، أو غير ذلك فصحّ ما قلناه.

ودليلنا على الفصل الآخر، وهو قوله: قد فارقتك وسرّحتك، يفتقر إلى نية لأنّها كناية، أن كل لفظ يحسن أن يفسر بغير نطقه صلح أن يكون كناية عمّا يفسّر به، أصله قوله: أنت خلية أو برية، ولأنّه لفظ فرقة من غير نطقه عن الطلاق فكان كناية، أصله قوله: خليتك، ولأنه لفظ مستعمل في الطلاق وغيره من غير اختصاص فلم يكن صريحًا، أصله قوله: أنت خلية أو برية.

[١٣٤٥] فصل: والكنايات الظاهرة مثل قوله: أنت خلية، وبرية، وحرام وبائن، وما أشبه ذلك، فإذا قال لها مبتدئاً أو مجيباً لها عن مسألتها إياه الطلاق، يكون طلاقاً ولا يقبل منه إن قال لم أرد به، وقال الشافعي: القول قوله في الموضعين؛ فدليلنا أن العرف جار بأن الناس يطلقون بهذه الكنايات كما يطلقون بالصريح، وعرف اللّغة والشرع جار بذلك، فإذا قال

<<  <  ج: ص:  >  >>