بها عما في القلب، فجاز أن يقع بها الطلاق كاللفظ، ولأنها حروف تنبني على المراد، ولأنه عمل جارحة يفهم منه الطلاق كالنطق، ولأن الكتابة تسمى كلاماً في حق الغائب، ولأنه لو حلف: لا أكلمه، فكتب إليه حنث، وكذلك إشارة الأخرس بيان له.
[١٣٥١] فصل: إذا طلق من غير لفظ ولا عمل جارحة، ففيها روايتان: إحداهما أنه لا يقع طلاقاً، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، والصحيح أن الطلاق يقع؛ ودليلنا عليه أن الطلاق فراق يفتقر إلى قصد القلب وانطوائه به عليه، وحد النطق به الإخبار عن وقوعه، فوجب إذا عدم ذلك ألا يؤثر كالإيمان والكفر، ولأنّا وجدنا الاعتقاد بمجرده له تأثير في تحريم الزوجة وفرقة الزوجية بدليل الكفر. وتحرير علة أصحابنا أن نقول لأن تحريم الزوجية معنى يتعلق به حق الله تعالى على التجريد، [ليس] للفظه تأثير في وقوع البينونة، فأشبه اعتقاد الكفر.
[١٣٥٢] مسألة: لفظ الطلاق كناية في العتق، وكذلك كل لفظ صح مع استعماله في الطلاق فصح استعماله في العتق، وقال أبو حنيفة لا يصح استعمال شيء من ألفاظ الطلاق في العتق إلا قوله: لا سلطان لي عليك، ولا ملك لي عليك؛ فدليلنا أن كل لفظة صح استعمالها في الطلاق صح استعمالها في العتق، كقوله: لا سلطان لي عليك ولا ملك، ولأن الطلاق لفظ مبني على التغليب والسراية فجاز أن يكون في العتق كناية، دليله لفظ العتق في كنايته عن الطلاق. [١٣٥٣] مسألة: إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثاً، طلقت ثلاثاً، خلافاً لابن علية في قوله لا تطلق إلا واحدة؛ لحديث ابن عمر أنه قال: يا رسول الله، أرأيت لو كنت طلقتها ثلاثاً، قال: " كانت تبين منك