[١٣٩٢] فصل: فأما أبو حنيفة فالخلاف معه في موضعين: أحدهما أن الأربعة مضروبة له عندنا وليست بمحل يوجب الفيء، وعنده أنه محل للمعنى، والثاني أن بعد مضيها لا تبين إلا بعد أن يوقف، فإما فاء أو طلق، وعنده أنها تطلق بنفس مضي المدة؟ ودليلنا على الموضعين قوله تعالى: (للذين يولون من نسائهم " الآية، ففيها أدلة: أحدها: أنه تعالى أضاف مدة التربص إلى الزوج وجعلها حقاً له، وما كان حقاً للإنسان لم يكن محلاً لوجوب حق عليه، كالآجال في الديون وغيرها.
والثاني: أن الله تعالى أضاف الفيء وجعل الطلاق إلى المولي، فقال: " وإن عزموا الطلاق " فدل أنهما متعلقان بفعله، وعندهم لا تأثير لفعله في وقوع الطلاق حتى لو نسي الفيء وانقضت المدة لوقع الطلاق.
والثالث: قوله تعالى: " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " فاقتضى ذلك أن تكون عزيمة الطلاق واقعة على وجه يسمع، وعندهم أن عزيمة الطلاق ترك الوطء مدة التربص، وذلك لا يتأتى فيه السماع، ولأنها يمين بالله فلم يلزم بها الطلاق، أصله إذا حلف على أقل من أربعة أشهر فلا بد من تعيين ما يحلف به، ولأنه لفظ لا يقع به ولا ببعضه طلاق معجل فلم يقع به طلاق مؤجل، أصله إذا حلف: لا وطئها شهرًا، ولأنها مدة ضربت بالشرع لم يتقدمها فرقة، فلم يكن مضيها بينونة، أصله مدة العنة.
[١٣٩٣] مسألة: لا معتبر في الأجل بالنساء، وقال أبو حنيفة يضرب للمولي من الحرة أربعة أشهر، وللمولي من الأمة شهران؛ ودليلنا أن مدة التربص حق للزوج على ما بيناه، والحقوق معتبرة بمن جعلت له كالطلاق