وأعواناً لم يباشروا القتل فإن جميعهم يقتلون، وقال الشافعي: لا يقتل إلا من باشر القتل؛ فدليلنا قوله تعالى:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا "، فعم، ولأنّ ذلك مبني على تخيير الإمام وقد ذكرناه، ولأنهم اشتركوا في الحرابة، فوجب أن يشتركوا في حكمها، كما لو قتلوا، ولأنه لما كان من حضر الوقيعة مشاركاً لمن قاتل في الغنيمة، قاتل أو لم يقاتل لأنهم ردء لهم وعون، فكذلك في المحاربة.
[١٦٦٦] مسألة: إذا عفا ولي الدّم عن المحارب، وقد أخذ قبل التوبة، فلا عفو له وينحتم قتله، خلافاً لمن يحكى عنه أن عفوه جائز؛ لقوله تعالى:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " الآية، فخاطب الأئمة بذلك انحتامًا، ولأنه حق الله فلم يجز فيه عفو كحدّ الزنا والسرقة.
[١٦٦٧] مسألة: لا يراعى في القتل بالحرابة إذا قتل تكافؤ الدّماء، فيقتل المسلم بالذمي، والحر بالعبد، وقال الشافعي في أحد قوليه: لا يقتل إلا بمن يكافىء دمه؛ فدليلنا قوله تعالى:" أن يقتلوا "، فعم، ولأنه قتل وجد منه في الحرابة، كما لو كافأ في دمه.
[١٦٦٨] مسألة: المحارب في البلد وخارج البلد سواء في الحكم، وقال أبو حنيفة: لا يكون محاربًا بقطعه في البلد إلا أن يقطع في الصحراء والبرية البائنة عن البلد؛ فدليلنا قوله تعالى:" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله" ولم يفرق، ولأنه قد وجد منه إخافة السبيل وقطع الطريق وقتله على أخذ المال فاستحق اسم المحارب وحكمه، كما لو كان في الصحراء، ولأن ارتكاب موجبات الحدود في الصحراء والبلد واحد كالزنا والقتل وشرب الخمر، ولأن كل حد يفعل في الصحراء جاز أن يجب به في المصر كحدّ الزنا والسرقة.