يسقط بتأخيرها كالأموال، ولأن كل حق لم يسقط بتأخير الإقرار لم يسقط بتأخير الشهادة كسائر الحقوق، ولأن كل شاهد لم يحدّ في الزنا حدّ المشهود عليه، أصله مع قصر المدّة، وقد وافقنا أبو حنيفة في هؤلاء الشهود أنهم لا يحدون فيجب أن يحدّ المشهود عليه.
[١٦٩٢] فصل: ودليلنا على أن إقراره بعد طول المدّة لا يسقط الحدّ، قوله صلى الله عليه وسلم:«من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله»، ولأنه أقر بحدّ لله فلم يبطله طول المدّة كسائر الحقوق، ولأن وجدنا طول المدّة لا تأثير له في إسقاط شيء من الإقرار بسائر الحدود والحقوق، كذلك الشرب، واعتبارًا بقصر المدة.
[١٦٩٣] مسألة: التوبة لا تسقط الحدّ في الزنا والسرقة والقذف والشرب وسائر الحدود، خلافاً للشافعي في أحد قوليه؛ لقوله تعالى:"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد"، "والسارق والسارقة فاقطعوا" الآية، ولم يفرق، وكذلك الأخبار، ولأنه أمر مستسر به فلم تسقط التوبة الحدّ الواجب فيه كالزندقة عندنا، وعند أبي حنيفة، ولأن الحد وضع لمعنى وهو تحصين الأنساب، فإذا أسقطنا الحد عن التائب فقد أزلنا الحكم المتعلّق به الغرض الذي أريد له، كالقصاص وضع للحياة بين الناس، ففي إسقاطه بالتوبة إضاعة الغرض المقصود له، ولأن التوبة إذا لم يفترق الحكم فيها بين القدرة عليه وعدمها، لم يسقط الحد كالقتل والقذف.
[١٦٩٤] مسألة: إذا لم يكمل عدد الشهود في الزنا حدّ باقي الشهود، خلافاً لأحد قولي الشافعي؛ لإجماع الصحابة، لأن عمر جلد الثلاثة لمّا توقف زياد ولم يقطع، وقال لأبي بكرة: تب أقبل شهادتك، وروي عن