أن من عداهن بخلافهن، ولأن كل من لم يحدّه في الخمر لم يحدّه في الزنا كأهل الحرب والمجانين.
[١٧١٤] مسألة: إذا دخل مسلم دار الحرب فزنى بحربية أو غيرها فعليه الحدّ، وقال أبو حنيفة: لا حد عليه إلا أن يكون على الجيش أمير مصر من الأمصار؛ ودليلنا قوله تعالى:"والزانية والزاني فاجلدوا"، ولأنه مسلم زنى فوجب أن يحد كما لو زنى في دار الإسلام، ولأنه موضع زنى فيه فلزمه الحد كسائر البقاع، ولأنه حدّ وجب لله، فلم تؤثر دار الحرب في إسقاطه كالقتل بالردة، واعتبارًا به إذا كان في عسكر المسلمين، وعلى الجيش أمير.
[١٧١٥] مسألة: إذا اغتصب حرة فوطئها فلها الصداق، خلافاً لأبي حنيفة؛ لأنها حرة وطئها من يؤخذ بالجناية عليها وطئاً لا يلزمها به حد، فإذا لزمه الحدّ لزمه المهر، كالوطء بشبهة، ولأن هذا الوطء يتعلّق به حقان، حق لله تعالى، وحق لآدمي، فجاز أن يجبا جميعاً كقتل المحرم صيدًا مملوكاً.
[١٧١٦] مسألة: من أتى بهيمة فلا حد عليه، وللشافعي ثلاثة أقاويل؛ أحدها: مثل هذا، والآخر: أنه يقتل بكرًا كان أو ثيباً، والثالث: أنّه كالزنا يجلد إن كان بكرًا ويرجم إن كان محصناً؛ فدليلنا:«لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث»، ولأنه جنس لا يتعلّق به التكليف، فلم يتعلق بالإيلاج فيه الحدّ كالجمادات، ولأنه وطء لا يتعلق بجنسه الرجم كالوطء فيما دون الفرج، ولأن كل جنس لا يصح منه الزنا فلا يصحّ حكم لوطئه في باب الحدّ، عكسه الآدمي، ولأنه معنى يوجب الحدّ في الآدمي فلم يوجبه في البهائم كالقذف والقتل، وهذه العلّة أصح من كل ما تقدّم.
[١٧١٧] فصل: لا تقتل البهيمة سواء كانت ممّا يؤكل لحمها أو ممّا