والقذف إن كان ممّن يحد قاذفها، وكذلك لو اقرت أنه زنى بها فلان، وحكي عن أبي حنيفة أنّها إذا أنكرت حد للقذف ولم يحدّ للزنا، وعن الأوزاعي ضدّ هذا، وهو أنه يحدّ للزنا دون القذف؛ فدليلنا أنه يحد للزنا قوله صلى الله عليه وسلم:«إن اعترفت فارجمها»، وقوله:«من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله»، ولأنه مكلف أقر على نفسه بالزنا فوجب أن يلزمه الحدّ، أصله إذا لم يعين، أو إذا صدقته، ولأنه أقر على نفسه بالزنا ولم يرجع فوجب أن يلزمه الحد أو القطع، وادعاء شركتها فيه لم يؤثر تصديقها له وإنكارها أصله لو قال: سرقنا أو شربنا جميعاً، ولأن الأصول موضوعة على أن من أقر على نفسه وعلى غيره قُبِلَ إقراره على نفسه ولم يقبل على غيره.
[١٧٣٢] فصل: ودليلنا على أن عليه حد القذف عموم الظاهر، ولأنه أجنبي قاذف لمن يحد قاذقها، فإن لم يعترف ولم يُقِمْ بينة حدّ، كما لو قذفها مطلقاً أو برجل آخر.
[١٧٣٣] مسألة: وإذا قال أشهدني فلان، أو أخبرني، أو يقول لك يا زان، أو إنك زان، فإنه يحد إلا أن يقيم بينة على ما ادعاه من إخبار من أخبره بذلك، فتنتقل المطالبة، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا حد عليه ولا بينة؛ فدليلنا أن لفظ الرمي قد وجد منه، فإذا عزاه إلى غيره وجب أن يثبت ذلك وإلا أخذ به، ولأنه يصير بمنزلة من لم يعزه إلى أحد، ولأنه ألحق المعرة بالمقذوف، إذا لم يتخلص منه لزمه الحد، أصله إذا أضافه إلى نفسه، ولأنه لو لم يحد لبطل ما في إيجاب الحد بالقذف من صيانة الأعراض وانتفاء الهتك عنها لأنه لا يشاء من يريد هتك عرض إنسان إلا أَضَافَهُ إلى غيره ليزول عنه الحد ويثبت له ما يريده.