عليه، ثم يتبين له أنه بخلافه، سواء قصده أو لم يقصده، وقال الشافعي: إن قصد فليس بلغو؛ فدليلنا أن من حلف على علمه أو غلبة ظنه فلم يوجد منه استخفاف لحرمة اليمين ولا جرأة وإقدام على التغرير بها، لأنه علّقها على وصف مراعى مطابق لها وهو علمه أو غلبة ظنه، ومطابقة اليمين له انعقادها على ذلك الوجه، فإن كان على ما حلف عليه فقد بر وإن كان بخلافه فلا شيء عليه، لأنّ اليمين لم تنعقد على شيء، لأنها وقعت محلولة مفارقة للحنث.
[١٧٥٠] مسألة: في تقديم الكفارة على الحنث روايتان؛ إحداهما: الجواز، وهو قول الشافعي، والأخرى: المنع، وهو قول أبي حنيفة.
فوجه الجواز قوله صلى الله عليه وسلم:«فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير»، وروي:«فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه»، وروى عبد الرحمن بن سمرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال له:«إذا حلفت فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير»، وهذا نص، ولأنه كفر عن يمينه بعد عقدها فأشبه أن يكفر بعد الحنث، ولأنه معنى يرفع حكم اليمين، فلم يقف ثبوت حكمه على وجوب الحنث، أصله الاستثناء، ولأنّ الكفارة أقوى من الاستثناء بدليل أنه يرفع اليمين منفصلة ومتصلة.
ووجه المنع أنه حق في مال يتعلق بسبب لحق الله فلم يجز تقديمه عل وقت وجوبه كالزكاة، واعتباراً بسائر الكفارات، ولأنه لم يحنث فلم يكن للكفارة حكم كما لو أخرجها قبل اليمين، ولأن الحنث هو الموجب