كلمت فلاناً، وفي بابك لا تفرق بين المشافهة والمكاتبة والمراسلة، وإن قوله: كلّمته وسألته وخاطبته محتمل لكل ذلك وإنه يصحّ تفسيره به، فصحّ أن يتعلق به اليمين، ولأن الأغراض المقصودة بالأيمان معتبرة فيها مع اللفظ، وقد علم بالعرف أن غرض الحالف على ترك كلام فلان إنما هو قطعه وهجرته، فانتظم ذلك الكلام وما يقوم مقامه، ولأن كل نوع وقع به إطلاقه حنث به في يمينه أن لا يكلمه كالنطق، ولأن الكناية موضوعة للإفهام وتعريف المعنى المراد فوقع الحنث بها على من حلف لترك الكلام كالنطق.
[١٧٩٣] مسألة: إذا حلف لا يكلّمه فسلّم على جماعة هو منهم حنث، علم أو لم يعلم، إلا أن يحاشيه بقلبه، وقال الشافعي: لا يحنث إذا لم يعلم؛ ودليلنا أن سلامه على الجماعة توجه إلى كل واحد منهم، بدليل أن الرد متوجه إلى جميعهم فصار مكلماً له، فوجب أن يحنث، ولأنه مكلّم له كما لو علم به.
[١٧٩٤] مسألة: ذكر محمّد بن عبد الحكم في «كتاب الإقرار» أن من أقر بأنه غصب رجلاً حليًا كان له أن يقر بما شاء من الحلي من ذهب أو ورق أو لؤلؤ أو جوهر وعقيق، فعلى هذا إذا حلف لا لبس حلياً حنث بلبس ذلك، وقال أبو حنيفة: لا يحنث وليس بحلي إلا أن يكون فيه ذهب؛ فدليلنا قوله تعالى:"وتستخرجوا منه حلية تلبسونها"، ولأن المرجع في ذلك إلى العرف ووجدنا الجواهر مسماة بالحلي ومعدودة من أفخره وأنفسه فكانت كالذهب.