[١٩٤٣] مسألة: إذا حكم الحاكم بما هو في الباطن على خلاف ما حكم به لم ينفذ حكمه في الباطن ولم يتغير الشيء المحكوم فيه عمّا هو عليه بحكمه، كان ذلك في مال أو نكاح أو طلاق مما يملك الحاكم ابتداءه، وممّا لا يملكه، وقال أبو حنيفة: إن كان المحكوم فيه مالاً لم يتغير الحكم في الباطن، وإنما ينفذ في الظاهر، وإن كان عقدًا أو فسخًا فإن الحكم ينفذ فيه ظاهرًا وباطناً؛ فدليلنا قوله تعالى:"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، فحرَّم المحصنة، وهي ذات الزوج، وعند المخالف أنها تحل متى حكم الحاكم بشهادة زور أنها قد طلّقت، أو بأن يقيم شهادة زور بتزويجه إياها، وقوله:"فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره، فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا"، وعندهم أنها تحل له [أن] يراجع نكاحها وإن لم يطلّقها إذا حكم الحاكم بشاهدي زور أنه طلّقها، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه، فإنّما أقطع له قطعة من النار»، وهذا صريحٌ في أن حكمه بما ليس بجائز للمحكوم له لا يحلّه له، ولأنه حكم بسبب غير صحيح في الباطن، فلم ينفذ الحكم به في الباطن كادعاء زوجية ذات المحارم، ولأنه حكم بشهادة زور فلم ينفذ في الباطن كالمال، ولأن كل شاهدين لو علم الحاكم بحالهما لم يجز له الحكم بشهادتهما، فإذا حكم بهما مع الجهل بحالهما لم ينفذ حكمه في الباطن كالكافرين والعبدين.
[١٩٤٤] مسألة: الإشهاد في عقد البيع مستحب وليس بواجب، خلافاً لداود؛ لأنه عقد من العقود فأشبه سائرها، ولأنه وثيقة كالرهن والكفالة.