ولو وصى إلى أحدهما بقضاء دينه، وإلى الآخر بالنظر في أمر ولده لم يكن لأحدهما النظر فيما رده إلى الآخر، وقال أبو حنيفة: يكون كل واحد منهما وصياً فيما رده إليه وفيما يرده إلى الآخر، ويصير كالوكيل المفوض إليه.
فدليلنا قوله تعالى:"فمن بدلة بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه"، وليس في التبديل أكثر من أن يوصي إليه في شيء مخصوص، فجعل إليه غيره مما لم يوص إليه به، ولأنه ملك التصرف بتفويض غيره إليه، فوجب أن يكون مقصورًا على قدر ما فوضه إليه كالوكيل، ولأنه يلي بتوليته، فلم يملك النظر إلا بما تناولته الولاية كالحاكم والأمير، ولأن الموصي له غرض في إفراد كل واحد بما جعله إليه، لعلمه بأنّه يقوم به ولا يقوم بما جعله إلى غيره، ففي إشراكنا بينهما بعض إبطال غرضه، فلم يجز.
[٢٠٨١] مسألة: إذا أوصى رجلين مطلقًا لم يملك أحدهما أن ينفرد بالتصرف بحال إلا برضى الآخر وإذنه، وقال أبو يوسف: لكل واحد منهما أن ينفرد بالتصرف فيما جعل إليهما، وقال أصحاب أبي حنيفة: إنّه ليس لأحدهما أن يتصرف في شيء دون صاحبه إلا في سبعة أشياء، شراء كفن الميت، وقضاء ديونه عنه، وإنفاذ وصيته، ورد الوديعة المعينة، وشراء ما لا بد للصغير منه، وقبول الهبة للصغير، والخصومة عن الميت فيما يدّعى عليه وفيما يدعيه له من الحقوق.
فدليلنا أن الموصي شرك بينهما في النظر ولم يرض بانفراد أحدهما بالنظر دون أن ينضم إليه الآخر فوجب أن لا يملك أحدهما الانفراد به، أصله إذا وكلهما وكالة مطلقة، ولأن في انفراد أحدهما بالنظر إسقاط حق الآخر من الشركة له، وذلك تبديل الوصية، وقال تعالى: "فمن بدله بعدما