كل مكان، والدعاة محصورون في كل أرض، وتحت كل سماء، لا يجرؤ أحد أن يمد لهم يد العون حتى لا يلقى مصيرهم نفسه {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}(١).
٤ - أما ظاهرة أبي طالب، وبني هاشم، وبني المطلب فهي ظاهرة فريدة كذلك، فقد ربط أبو طالب مصيره بمصير ابن أخيه محمد (ص)، بل واستفاد من كونه عميد بني هاشم أن ضم بني هاشم وبني المطلب إليه في حلف واحد على الحياة والموت تأييدا لرسول الله (ص) مسلمهم ومشركهم على السواء، وأرسل القصائد الضخمة التي تهز كيان المجتمع القرشي هزا في الموقف الصلب الذي يقفه:
كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما نقاتل دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل.
٥ - وانتصر بعد ذلك في غزو أعماق المجتمع القرشي حيث تحرك لنقض الصحيفة من ذكرنا من قبل؛ أولئك الخمسة الذين يمتون بصلة قرابة أو رحم لبني هاشم وبني المطلب.
وكان فرعون الأمة زعيم المقاطعة أبو جهل في صراع عنيف مع أبي طالب وحلفائه، يخشى أن تنهار المقاطعة، ويلاحق كل من يتعامل معهم، فلما لقي (حكيم بن حزام بن خويلد ومعه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة وهي عند رسول الله (ص) في الشعب، فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تذهب أنت وطعامك