أن وصلت في مكة إلى الطريق المسدود، ولا شك أن أنسب مكان لذلك هو الطائف، موطن ثقيف، فثقيف من حيث المنعة والعدة والعدد تضارع قريشا، ومن حيث الموقع كذلك، فاتجه رسول الله (ص) إلى رؤساء ثقيف يعرض عليهم الإسلام والنصر، وكان الرد العنيف والتجهم الشديد، والأذى الرهيب هو حصيلة هذا الاتجاه، وكما ذكر عليه الصلاة والسلام حين سألته عائشة: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ ((لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على عبد ياليل)).
فنستطيع القول إذن، وعلى تقدير الرسول عليه الصلاة والسلام، أن المحنة قد بلغت ذروتها في الطائف، وإن أشد ما لاقاه عليه الصلاة والسلام، كان من ثقيف، وكما تقول الروايات المتعددة:
(... فلم يفعلوا، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس، وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ..).
(.. واجتمعوا يستهزؤون برسول الله (ص)، وقعدوا له صفين على طريقه فأخذوا بأيديهم الحجارة، فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلا رضخوها بالحجارة، وهم في ذلك يستهزئون، ويسخرون، فلما خلص من صفيهم وقدماه تسيلان الدماء، عمد إلى حائط كرومهم، فأتى ظل حبلة من الكرم مكروبا موجعا تسيل قدماه الدماء ..).
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وربك يرعاك ويحوطك، ولتصنع