الذي يعصهمهم من الانزلاق في منحدرات السياسة، التي تضع الحكم غاية، والعقيدة والدين وسيلة من وسائله.
٢ - وحين لا يحقق الداعية هدفه في تأمين الحماية من سلطة جاهلية، لا ينسى نفسه أنه داعية قبل كل شيء، وأن عليه أن ينقل روح هذا الدين التي تؤكد أنه غالب وحاكم مهما تكاثفت المحن، وادلهمت الخطوب، وأن الباطل زاهق لا محالة. {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد}(١).
وثقة الداعية بالنصر لدين الله - لا لشخصه - سمة أساسية من سمات الدين نفسه لا تنفك عن أن تكون جزءا من منهج الداعية وهو يدعو إلى الله. ولهذا رأينا رسول الله (ص) ولم يصل إلى المنعة التي يريد، أراد أن يعلم هؤلاء القوم الذين ترهبهم سلاطين الأرض من فارس، أنه ستكون لهم الدولة عليهم إن آمنو بالله ورسوله.
وكان هذا الأمر عندما طرح عليهم، وهم في ظل فارس ضربا من الجنون، وبه استشهدو على جنون رسول الله (ص) حين قال لهم:
((فتجعلون لله عليكم إن هو أبقاكم حتى تنزلوا منازلهم، وتستنكحوا نساءهم، وتستعبدوا أبناءهم، أن تسبحو لله ثلاثا وثلاثين ...).
فلم يكن العربي في ذلك الوقت يطمح في أكثر من أن يحظى برضاء كسرى أو قيصر، وأن يكون عميلا مخلصا له، ولم تتحرر هذه