للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ولم يحبس الشمس إلا له ذلك اليوم وليوشع بن نون) (١). يقول ابن كثير:

(وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والأمور التي لو رآها (٢) - أو بعضها - غيره لأصبح مندهشا أو طائش العقل، ولكنه (ص) أصبح واجما - أي ساكنا - يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى أن يبادروا إلى تكذيبه، فتلطف بإخباجم أولا بأنه جاء بيت المقدس في تلك الليلة، وذلك أن أبا جهل - لعنه الله - رأى رسول الله (ص) في المسجد الحرام وهو جالس واجم، فقال له: هل من خبر؟ فقال: ((نعم)) فقال: ما هو؟ قال: ((إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس)) قال: إلى بيت المقدس؟! قال: ((نعم)) فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك، وأراد رسول الله جمعهم ليخبرهم بذلك ويبلغهم فقال أبو جهل:

هيا معشر قريش، وقد اجتمعوا من أنديتهم، فقال: أخبر قومك بما


(١) الروض الأنف للسهيلي ١٤٩/ ٢.
(٢) اختلف العلماء حول الإسراء كان يقظة أو مناما. يقول السهيلي:
(وذهبت طائفة ثالثة منهم شيخنا القاضي أبو بكر رحمه الله إلى تصديق المقالتين، وتصحيح الحديثين، وأن الإسراء كان مرتين، إحداهما كان في نومه توطئة له، وتيسرا عليه، كما كان بدء نبوته الرؤيا الصادقة ليسهل عليه أمر النبوة، فإنه عظيم تضعف عنه القوى البشرية .. ورأيت المهلب في شرح البخاري قد حكى هذا القول عن طائفة من العلماء وأنهم قالوا: كان الإسراء مرتين: مرة في نومه، ومرة في يقظته ببدنه (ص). قال المؤلف: وهذا القول هو الذي يصح، وبه تتفق معاني الأخبار .. ورواة الحديثين حفاظ، فلا يستقيم الجمع بين الروايتين، إلا أن يكون الإسراء مرتين .. والرواة أثبات، ولا سبيل إلى تكذيب بعضهم ولا توهينهم) الروض الأنف للسهيلي ١٤٩/ ٣، ١٥٠.

<<  <   >  >>