بعضهم هذا منام، وليس بأمر جازم، وهذا رد لقوله تعالى:(افعل ما تؤمر) ولقوله: (إن هذا لهو البلاء المبين) وتجهيل الرسل.
وكذلك قولهم: انقلب العنق نحاسا، لأن هذا أمر بالشيء مع المنع منه، وهذا أقبح مما جروا فيه على مقتضى أصولهم.
وكذلك قولهم: كان إذا قطع جزءا التحم، لأن هذا لا يسمى ذبحا، ومن قطع جزءا من الحلق فالتحم قبل أن يقطع الآخر فقطع، يجري الأمر كذلك إلى آخر الحلق لم يسم ذابحا، ولو سلمنا كونه ذابحا، فما معنى الفداء بذبح عظيم؟ ولا يعبر هؤلاء يقوله:(قد صدقت الرؤيا)، لأنه لم يقل قد فعلت الذبح، وإنما ذكر أنه صدق، لكونه مأمور بذلك.
وكذلك قولهم: إنما أمر بربط ابنه، ونله للجبين، لا بذبحه، يرده قوله تعالى:(إن هذا لهو البلاء المبين)، وليس فيما قالوه بلاء مبين، وأيضا فإنه لا معنى للفداء هاهنا.
وأما التحاكم في هذه المسألة للسان، فالقرآن أصدق نقلا، وقد قال فيه تعالى:(يقولون * في أنفسهم)، وقال:(وأسروا قولكم أو اجهروا به)، وقال في المنافقين عقيب قولهم:(نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون)، وهم لم يكذبوا في أنه رسول الله، لكن كذبوا في قولهم في أنفسهم إنه ليس برسول، بهذا استدل أئمتنا، وفي الاستدلال بهذه الآية نظر، لأنهم إنما أرادوا بالقول الذي أفصحوا به أنهم يعلمون أنه رسول الله، فقد كذبوا في هذا القول النطقي المسموع منهم إذ كانوا غير عالمين. وهذه مسألة مستقصاة في كتب الكلام.
وأما الكشف عن حقيقة الكلام على جهة صناعة الحدود، فإنا كنا قدمنا القول في هذا الكلام فيما سبق.
وهذا كتاب أمليناه على كتاب البرهان، ولم نطالع هذا الكتاب، فنعلم رتب