وكذلك ما فرق بين الزيادة ناسخة أو غير ناسخة لا معنى له، لأنه وإن كانت الزيادة تنقض حكم المزيد، وكان ذلك في مجلسين، نظرنا إلى التارخ ونسخنا الأول بالآخر، وأما النسخ فيما يورد بمجلس واحد لم يستقر حكمه، فإنه لا يقع.
وكذلك تفرقة من فرق بين أن تكون تلك الزيادة من الراوي نفسه الذي روى الحديث ناقصا، أو من غيره، وكان هذا اتهم الراوي لما اختلف خبره في نفسه، رواه مرة ناقصا، ومرة تاما، وهذا أيضا مما قد يظهر فيه العذر بأن يكون نسي الزيادة حين رواه ناقصا، ثم ذكرها فأكمل الحديث، ولا قدرة للمحصل في مثل هذا على أكثر من أن يعتبر حصوله الثقة أو انخرامها، وسنستقضي وجوه الإمكانات في العادات. وقد قيل في الراوي نفسه: إنه لا ينبغي أن يروي الحديث ناقصا وهو ذاكر للزيادة، لأجل أنها لا تفيد أكثر من التأكيد، لأن التواكيد في الشريعة تشعر بتأكيد الحكم وقوته على غيره، وهذا مما قد يحتاج في.
ومنهم من سامحه بإسقاط الزيادة إذا لم يكن فيها فائدة أكثر من التأكيد، وقد كنا تكلمنا على رواية بعض الحديث دون بعض، وإنما ذكرنا هذا هاهنا لتعلقه بقول هؤلاء: إن الراوي نفسه إذا زاد في الحديث بعد أن نقص لم يقبل ذلك منه بخلاف غيره، وربما احتاج الفقيه فيما ينظر فيه إلى مزج هذا الباب بباب الكلام في ترجيح أحد الخبرين على الآخر، وقد كنا قدمنا ذهاب بعض المحدثين إلى منع العمل برواية من لم يرو إلا حديثنا أو حديثين.
وقد اختلف الأصوليون القائلون بقبول خبر هذا المقل من الحديث لو عارضه مكثر من الحديث؛ هل يرجح خبر المكثر على خبر المقل لأجل إكثاره أم لا؟ وهذا يستقصى في كتاب الترجيحات إن شاء الله.
[فصل في نقل ما تعم البلوى به]
قد قررنا فيما سلف تقاسيم الأخبار، وأنها منقسمة إلى ما يقطع بصدقه، وإلى ما يقطع بكذبه، وإلى ما يتردد فيه بين أن يكون صدقا أو كذبا.
فالذي يقطع بصدقه تارة يكون ذلك ضروريا، كمن أخبر عن المدركات على ما هي عليه، وتارة يكون استدلاليا كمن أخبر بأن الله إله واحد، وهذا القسم لا تعلق [له] بما نحن فيه.
وأما عكسه وهو الكذب فيستفاد علمه من عكسه ما قلناه في الخبر الصدق، فعكس