للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا (ا ............ ون) في سبب الخلاف في إسناد ما أرسله الأكثر، أو رفع ما وقفه الأكثر، تخيل الواقفون عن العمل به أن الانفراد بمثل هذا ريبة، وقال الجمهور: يمكن في الانفراد لأحد الأسباب التي أحلناها على العادة، وهذا أيضا واضح.

وأما مقصود الباب وهو انفراد الراوي بالزيادة في حديث شاركه في نقله من سواه من الرواة عن شيخه، فإن المانعين لقبول ذلك على الإطلاق قد رأوا هذا ريبة، واستبعدوا أن يضبط رجل واحد ما أغفل الجماعة.

وهذا أيضا ليس بريبة عند الآخرين، لأن الأسباب التي أحلناها على العادات ممكنة في هذا بأن يكون الشيخ كرر الحديث بموقع لم يكن حاضرا فيه سوى هذا المنفرد فحصل الزيادة دون من سواه، أو ذهلوا عن ضبطها، أو بعدوا عن سماعها، إلى غير ذلك من وجوه الإمكانات.

ويؤكد هذا أن الزيادة والانفراد مما لا يقتضي رد الشهادة، هذا والشهادة قد ورد فيها من التعبدات (ص ٢٤٤) والتقييدات ما لم يرد في الأخبار، من مراعاة العدد والحرية إلى غير ذلك مما تقدم ذكره في موضعه، فإذا لم يقدح هذا في الشهادة مع كون (...)، فإن القوادح إليها أسرع منها في الأخبار، فكذلك انفراد راو بزيادة دون بقية التلامذة، ولم نورد هذا إيراد مستند على الاستدلال به، فيطالب فيه بشروط القياس، وينظر في قبوله هاهنا، وإنما أردناه إيضاحا لأحكام العادات، وأن هذا لا يعد في جملة الاسترابات في النقل، وأشار إلى أن من قبل القراءة الشاذة مع كون القرآن يلفى شائعا على العا [دة]، فأحرى أن يقبل الزيادة التي انفرد بها أحد رواة الأحاديث، وسنتكلم نحن على القراءة الشاذة.

وهذا كله الذي أوردناه إنما يتحقق إذا كان بقية التلامذة غير قاطعين بكذب المنفرد، بأن يجوزوا ما أريناك تجويزه من ناحية العادة من غفلة منهم، أو انفرد هذا الواحد بمجلس دونهم. وأما لو حكى زيادة عن مجلس أضافه غلى حضورهم واستماعهم، وكذبوه على قطع في تلك الزيادة، فإن هذا يصير من أحكام التعارض وسنتكلم عليه.

وبالجملة فإن هذا يخرم الثقة على الجملة، والثقة هي المعتبر، وإذا تضح لك ما ذكرناه من النكتة التي يدور عليها الخلاف، علمت أن لا وجه لمذاهب المفصلين الذي حكيناه، وأن لا فرق بين زيادة تفيد حكما أو لا تفيده. على أن التشاغل بالكلام على زيادة لا تفيد، لا معنى له، وإنما يحسن التشاغل بالكلام على زيادة تفيد.

<<  <   >  >>