يكون أحدهما أكبر من الآخر، فاضطرت إلى صرفه إلى المقدمة الأخرى وهي قولك الجسم لا يتناهى، فإذا كانت هذه المقدمة كاذبة، فنقيضها هو الصدق، ونقيضها أن الجسم متناه.
فهذا هو معنى قول المتكلمين، لو كان الجسم لا يتناهى لم يكن الفيل أكبر من الذرة، فاختصروا هذا كله، واقتصروا على ما قلناه، لأن ما سواه معلوم واضح، لا يفتقر إلى عبارة عنه، وإثبات مقدمة أو مؤخرة. وفي هذا كفاية.
[القول في البيان]
يفتقر الكلام في هذا الباب إلى النظر في حد البيان ومراتبه، وجواز تأخيره، فأما حده فقد أكثر الناس القول فيه، فمن مشاهير حدودهم حد أبي بكر الصيرفي إذ قال في حد البيان: إنه إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، ورد هذا الحد أبو المعالي لأجل ما اشتمل عليه من المجاز بذكر الحيز والتجلي، وهذا رد ضعيف، لأنه مجاز يفهم القصد به، من غير افتقار إلى مراجعة القائل، واستفساره عن مراده، ورد القاضي أبو بكر بن الطيب ئة هذا الحد، بأن من أحكام الشريعة ما ورد نصا جليا مبتدأ من غير أن يسبقه إشكال يكون هذا النص مفسرا له. وهذا النوع بيان للأحكام، وهو خارج من حد الصيرفي، لأنه قصر البيان على ما تقدم فيه إشكال.
وأشار القاضي أبو محمد عبد الوهاب إلى الانفصال عن هذا التعقب، بأن النصوص الواردة في حكم المبتدأ قد أفادت علما لم يكن حصل للسامع، وهو قبل سماع هذه النصوص يشبه في عدم علمه للحكم من أشكل عليه خطاب سبق وروده في هذا الحكم، وهذه مضايقة بين القاضيين في عبارة، فقد لا يسلم القاضي أبو بكر تسمية عدم العلم إشكالا.
وإذا لم يسلم ذلك صح تعقبه على الصيرفي، إلا أن يمانعه الصيرفي في تسمية هذا