العمل بالقافة، ورأى أن النبي عليه السلام لا يسر بباطل، وذكر أن القاضي تعقب هذا بأن سرور النبي عليه السلام (يحتمل أن يكون لأجل أن الجاهلية كانت تطعن في هذا النسب، وكانت ترى تصديق القافه فسر عليه السلام) بإكذابهم، ووقوع خبر يصدقونه بأمر يسوؤهم.
وأشار أبو المعالي [إلى] أن نهاية ما ينتصر به الشافعي أن يقال: إن القائف إذا [كان] يخطئ ويصيب، فالقيافة أمر لا يعول عليه ولا يوثق به، وأخبار مجزز لا يوثق فيها، فصحة الخبر مما لا يقره عليه السلام، وقد ذكرنا نحن في كتابنا "المعلم" هذا الحديث، واختلاف المذهب على قولين في الحكم بالقافة، ومذهبا ثالثا صار إليه أبو حنيفة، وذكرنا سبب الخلاف فمن تشوف إليه فليطالعه هناك.
[فصل في خطابنا بشرع من كان قبلنا]
الكلام في المسألة من وجهين:
- أحدهما: النظر فيما كان صلى الله عليه وسلم [يتعبد به] قبل أن يوحى إليه، وهذه المسألة قليلة الفائدة في حق الفقيه ولا تمس الحاجة إلى نظره فيها، ولا حظ لها في علم الأصول أيضا لا تعلقها بالرد على المعتزلة في بنائها على التحسين والتقبيح العقلي، ولكن نذكر ما قيل فيها:
- فمن الناس من صار إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عاملا بشريعة أحد قبله.
- ومنهم من صار إلى أنه كان عاملا بشريعة من قبله.
- ومنهم من وقف وجوز أن يكون الأمر على كل واحد من المذهبين.
فالقائلون بأنه لم يكن عاملا بشريعة نبي قبله اختلفوا، فمنهم من منع ذلك عقلا، وهي المعتزلة، ومنهم من منع ذلك نقلا وهو القاضي ابن الطيب ومن وافقه.
والقائلون بأنه كان يعمل بشرع من قبله اختلفوا على طريقتين أيضا، فقال: بعضهم: لا ندري أي النبيين كان يتبع، ويقفون في ذلك، وقال آخرون: بل ندري من كان يتبع، واختلف هؤلاء، فقيل: كان يتبع نوحا، وقيل: كان يتبع إبراهيم: وقيل: كان يتبع عيسى صلوات الله عليهم أجمعين.
فأما المعتزلة فمسلكهم أن قالوا: كونه قبل أن يبعث متبعا لنبي غيره يحط من قدره، وينفر عنه، لأنه يبعد أن يكون متبوعا من كان تابعا. وهذا الذي قالوه باطل، وقد قدمنا بطلان مرارا، وبسطنا بطلان مذهبهم في التقبيح والتحسين العقلي فيما تقدم. وأيضا لو