أنه لم يرد بمثل هذا الخطاب، وأراد ما سواه مما يشذ ويندر.
وقد تأولوه أيضا على نفي الكمال في الصوم، لا نفي الإجزاء. ورد أبو المعالي هذا بأن الصوم (ص ١٦٩) عندهم يتنوع كما قدمناه، فلا يصح أن تنصرف لفظة واحدة إلى نفي الإجزاء عن نوع، ونفي الكمال [عن] نوع، وهذا التحكم في التأويل ليصح مذهب بني عليه مما لا سبيل إليه.
وذكر عن الطحاوي أنه حمل الحديث على أن المراد به النهي عن تقدمة النية في النهار الذي يليه يوم الصوم، وإنما الحكم تأخيرها إلى مغيب الشمس، حتى توقع في الليل، فهذا حكم النية في سائر أنواع الصيام.
ورد أبو المعالي هذا بأن تخصيص هذا النوع لا معنى له، والنهي عن التقدمة فيه كالنهي عن التقدمة على يوم الصوم بسنة، ورأى أن القصد بالحديث النهي عن الغفلة والتشاغل عن النية، والمبادرة إلى أن توقع بالليل قبل أن يصبح، فمقصود الحديث النهي عن تأخير النية بعكس ما قدره الطحاوي من أن القصد النهي عن تقدمتها.
[مسألة في تأويل الحديث الوارد فيمن أسلم عن أكثر من أربع نسوة]
اعلم أن هذه المسألة مبنية على النظر في أنكحة المشركين؛ هل هي فاسدة، والإسلام يصححها لهم أم لا؟ وهذا مبسوط في الفقه.
وقد زعم أبو حنيفة أن المشرك إذا تزوج عشر نسوة في عقد واحد، فإنه إذا أسلم نسخ نكاح جميعهن، وإن تزوجهن واحدة بعد واحدة صح نكاح الأربع الأوائل، وفسخ نكاح الست الأواخر.
وذهب مالك والشافعي إلى تخييره في الاستمساك بأربع منهن، كن أولاء الأربع أوائل أو أواخر، كان العقد على جميعهن واحدا أو كانت عقود متفرقة.
والأحاديث الواردة حجة على أبي حنيفة، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم للذي أسلم على عشرة:"أمسك أربعا وفارق سائرهن"، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي أسلم على ثمان:"اختر أربعا"،