فحذف ذكر إرضاء الرسول عليه السلام. وهذا يكثر وجوده في اللسان وأنشد في هذا:
يا من رأى عارضا يسر به ... بين ذراعي وجبهة الأسد
والمراد ذراعي الأسد، فحذفه لدلالة الثاني عليه، وهكذا أنشد الآخر:
فما أدري إذا يممت أرضا ... أريد الخير أيهما يلبني
فحذف الشر لدلالة الكلام عليه.
وزعم بعضهم أن القرآن كالكلمة الواحدة، لأن كلام الله واحد، فلا بعد في أن يكون المطلق كأنه المقيد، وهذا غلط فاحش، لأن الموصوف بالاتحاد الصفة القديمة المختصة بالذات، وأما هذه الألفاظ والعبارات فمحسوس تعددها وتغايرها، وفيه الشيء ونقيضه كالإثبات والنفي، إلى غير ذلك من أنواع الكلام المتضادة التي لا يوصف القديم الأزلي بأنه في نفسه حاصل عليها، وهذا أوضح من أن يطنب في نقضه، والله ولي التوفيق.
[فصل في مخالفة الراوي ما رواه]
الكلام في هذه المسألة من ثلاثة أنحاء:
- مخالفة الراوي ما رواه بالكلية.
- ومخالفته لظاهر ما رواه على جهة التخصيص.
- وتأويله لمحتمل أو مجمل رواه.
وكل هذه الأقسام فيها الخلاف.
فذكر أبو المعالي الاختلاف في عمله بخلاف ما رواه، ونسب إلى الشافعي أن مذهبه اتباع روايته لا عمله، ولأصحاب أبي حنيفة اتباع عمله لا روايته، وهكذا ذكر جميع الأصوليين الخلاف في تخصيص عموم الخبر بمذهب راويه.
وأما تخصيصه بمذهب صاحب آخر لم يروه عن النبي عليه السلام، فإنه عليه القولين بين الأصوليين في كون قول الصحابي حجة إذا ابتدأ إنشاء مذهب في الفروع، فإن قلنا: إنه ليس بحجة فلا شك في كونه لا يخصص به. وإن قلنا إنه حجة فهاهنا يضطرب هؤلاء في تقديم حجة العموم أو حجة قول الصاحب الراوي.
وكذلك حكى بعض المصنفين الاختلاف في تأويله لحديث محتمل المعاني وصرفه إلى أحد محتملاته، هل يصار إلى مذهبه في ذلك أم لا؟ وكان الأشهر في هذا القسم المصير