إمكان توخي مطابقة العرف بالتخصيص، فإن المستدل على سقوط هذا المفهوم، ويسامح في استدلاله ما لا يسامح من حاول إسقاط فمهوم خطاب لم يعرض [فيه] مثل هذا الاحتمال الذي هو توخي مطابقة العرف، ولا يطلب المستدل نفسه في إسقاط مثل هذا الدليل، بما يطلب به نفسه من الأدلة إذا حاول إسقاط دليل خطاب لم يعرض فيه مثل هذا الاحتمال، بل طبقة الدليل الذي يترك به هذا المفهوم يصح أن يتقاصر عن طبقة الدليل الذي يحاول به ترك المفهوم الآخر الذي لا احتمال فيه، وهذا تتضح حقائقه في كتاب التأويلات، عند الإشارة إلى الموازنة بين ما يعرض من التأويلات، وصلى الله على محمد.
[فصل في أحكام أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم]
وما يقع من الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يخلو من أن يكون قولا أو فعلا، فيفتقر الفقيه إلى أن يعلم كيفية اتباعه صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في أقواله وأفعال. فعلم فيما مضى في هذا الكتاب كيفية اتباعه في أقواله صلى الله عليه وسلم، وما ذكرنا من الأمر وأحكامه وفصوله كلها المتقدم ذكرها، من حمل مجرد أمره على الوجوب أو الندب، وحمل أمره المطلق على التكرار أو الاتحاد، وحمله على الفور أو التراخي، إلى غير ذلك من أحكام الأوامر، وكذلك أقواله المشتملة على المسميات التي مضى أحكامها أيضا في كتاب العموم، وكل ذلك إنما قدم بيانه ليعرف الفقيه كيف يأخذ الأحكام من أقواله، وكيف يتحرى طرق الاتباع.
فلما نجز القول في جميع ذلك، وجب أن يعرف (ص ١٥٤) بعده معنى كيفية الاقتداء به في أفعاله.
وقد تقرر أن المعصية لا تتبع، ولا يقتدى بفاعلها فيها، ولو وجب في الشرع اتباع العاصي على معصيته لانقلب عن كونها معصية إلى أن تصير طاعة، واستحال السؤال، فإذا تقرر أن المعصية لا يصح الاقتداء بفاعلها ولا تابعه عليها، احتجنا هاهنا أن نقدم فصلا