بخلافها في حكم الخطاب، وقد (...) فإنه لا يمكن الخلاف في كون الكافر القاتل للرسل كالكافر الذي لا ذنب له سوى كفره، وما ذاك إلا أن الكفر (...) الرسل، ولو كانوا غير مخاطبين بالمنهيات لاستوى حال هذين الكافرين.
وأما الوجه الخامس فإن القاضي لما [ذهب إلى] خطاب الكافر بفروع الشريعة رأى ذلك من مسائل الاجتهاد ومجاري الظنون، وما ذلك إلا لاعتقاده أن ما تعلق به من الآي يقبل [التأويل] وليست بنصوص في المراد بها هاهنا، وإنما هي ظواهر، ولا شك أن التعلق بالظواهر من مسالك الاجتهاد.
وأما أبو المعالي فإنه مال إلى عد المسألة قطيعة وسلك مسلكا آخر، غير مسالك القاضي، وكأنه يشير إلى إجماع مستقر أو تعلق بما [هو] من مخايل نقلة الشرع، فيقول: معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الناس عامة إلى قبول شريعته عامة، والتصديق بكل ما جاء به، واتباعه على ما هو عليه، ولكن فيما جاء به من العبادات ترتيب وتقديم وتأخير يتعلم منه بعد التزام تصديقه في كل ما جاء به، وسلوك ما هو عليه من الصراط المستقيم، والدين القويم، هذا مقتضى خطاب الكفار على الجملة وبالله التوفيق.
[فصل في تلخيص النقل لمذاهب الناس في العقل]
اعلم أن هذه المسألة تكلم عليها أصناف من المنتحلين للعلوم، منهم الفلاسفة، والأطباء، والمتكلمون والفقهاء.
أما الفلاسفة فهم قوم يزعمون أن المقصود من علمهم البحث على حقائق الموجودات وأسبابها، والعقل من أشرف الموجودات المحدثات.
وأما الأطباء فإنهم يرون أن المقصود من علمهم معالجة الأمراض، ومن أشدها مرض العقل، فيفتقرون إلى معرفته على الجملة.
وأما المتكلمون فإنهم أهل النظر، والاستدلال، ولا يتم النظر والاستدلال إلا بعد حصول العقل، فيفتقرون في معرفة مقصودهم إلى البحث عما لا قوام له إلا به.
وأما الفقهاء فمقصودهم معرفة أحكام التكليف، ومن شرط لزومها العقل، فيفتقرون إلى معرفة ما هو شرط في مقصودهم.
فكل واحد من هؤلاء [له] في تفسير العقل ما يليق بصناعته.