الفرق [و] الذي قبله مبدأهما واحد، ونهايتهما كالمختلف.
وهذه الفروق أكثرها لا يسلم من القدح، وما سلم منها قد يغمض، وأمثلها ما أشر فيه إلى معنى النفي، والإثبات، على حسب ما صورناه آخرا.
[فصل في مطلق الأمر هل يقتضي التراخي أو الفور]
الكلام في هذه المسألة من أربعة أوجه:
- أحدهما: محلها.
- والثاني: العبارة عنها.
- والثالث: نقل المذاهب فيها.
- والرابع: سبب الخلاف فيها.
فأما محلها فإن الأمر بعبارة متكررة تستوعب سائر الأوقات كالإيمان بالله، لا يصح فيه تصور التراخي، لأن تقدير التراخي فيه يخرجه عن الاستيعاب، وأما إذا كان الأمر بعبارة واحدة، وأعداد محصورة، فلا يخلو من أن يرد مؤقتا، أو مطلقا:
فإن ورد مؤقتا، فوقته حاصر له، يستغني بتحديده عن تصوير التراخي أو الفور.
وأما إن ورد مطلقا، فهاهنا محل الخلاف، وهذا في الأوامر، وأما النواهي فالمعروف من مذاهب العلماء أنها ليست محل الخلاف، ولا يتصور فيها التراخي، لاستيعابها الأزمان، وقد قدمنا أن الأمر المستوعب للأزمان لا يتضور هذا فيه. وأشرنا في الباب الذي قبل هذا إلى ارتفاع الخلاف عند قوم من المصنفين في النواهي، وأنهم يزعمون أن الاتفاق حصل على حملها على الاستيعاب وذكرنا عن القاضي أنه لا يحملها على الاستيعاب كالأوامر.
وذكر أبو المعالي في تلخيصه أنه لا يعرف حقيقة مذهب القاضي في هذه المسألة، هلي حمل هذه المرة التي تضمنها النهي على الفور أو التراخي، وأشار إلى أن الأليق به أن ينسب إليه موافقة الجماعة في حمل النهي على الفور.
وأما الأذري فقد صرح بحمل النهي المقتضي إطلاقه مرة واحدة على الانتهاء واجتناب الفعل مقدما أو مؤخرا، وهذا بعيد تصوره على مجاري الشرع، واللسان، وسننبه عليه.
والوجه الثاني بتحرير العبارة عنها، فاعلم أن المصنفين والمتناظرين أولعوا بهذه