أنهم ما أشاورا به إلى ذلك الواحد الذي شاهدوا إفساده للحريم، وإنما يخطر بالبال حينئذ أن هذه الإشارة من هذا لم تكن إلا وقد تقدمتها إشارات أخر، و [هم] يطلقون اسم الرجال على من شوهد، ومن استدل عليه بمن شوهد، وقيل أيضاً بأنه قد يطلق لفظ الجمع على الاثنين بقرينة (لـ ....) أن من كان لا يخاف من رجل واحد ويخاف [من رجلين، فيقول: أقبل](ص ١١٨) الرجال، وهذا أيضا فيه معنى مما ذكرناه. وأشار أبو المعالي إلى أنه لو لم يكن في طبيعة الكلام ما يحسن به مع القرينة لما جاز إطلاقه، ولو اقترنت به القرينة، وبالجملة فالمسألة عندي محالها وثمراتها لا تبلغ القطيعات في الوضوح.
[فصل في اشتمال العموم على من تميز بخصيصة أشكل من أجلها تناول العموم له]
فمن ذلك العبيد، وقد اختلف الناس في دخولهم في العمومات، كقوله تعالى:(ولله على الناس حج البيت)، وكقوله:(يا أيها الذين أمنوا اركعوا واسجدوا)، وأمثال ذلك. والظاهر من مذاهب أصحابنا وأصحاب الشافعي أنهم داخلون تحت الخطاب مع الأحرار، وذكر ابن المنتاب عن بعض أصحابنا أنهم لا يدخلون في الخطاب، وهو الذي اختاره ابن خويز منداد، وإنما عول هؤلاء في إخراجهم عن تناول الصيغة لهم مع كونها صالحة في أصل اللغة لهم على كونهم مستحقي المنافع لسادتهم، وهذا ينافي التكليف، ولكونهم يملكون فأشبهوا البهائم، ولقوله تعالى:(عبدًا مملوكًا لا يقدر على شيء)، ومن لا يقدر على شيء فلا يكلف.
والاستدلال بهذا كله غلط، وعليه عول ابن خويز منداد، فأما شبههم بالبهائم فواضح فساده، إذ البهيمة لا تعقل فتكلف، وهذا عاقل فكلف، أما ظاهر الآية فلا يحسن الاستدلال به هاهنا، لأن المقصود بها هاهنا [شيء] آخر، كيف ونحن نشاهد العبد