للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو سفر قصير أم طويل، فصار من جهة التردد بين وقوعه على وجهين مختلفين كاللفظ المتردد بين معنيين كما قلناه، وتمثلنا به في قوله تعالى: (ثلاثة قروء).

وألحق بهذا قضاياه صلى الله عليه وسلم وأجوبته على أسولة مجملة لمن قال له: أفطرت في رمضان: "أعتق رقبة" ولم يذكر السائل إفطاره يجامع أو يأكل، فأطلق عليه السلام الجواب من غير استفسار. ويحتمل أن يكون السائل سأل عن إفطار بجماع، ويحتمل أن يكون سأل عن إفطار بأكل، فمن جهة (ص ١٣٣) هذا التردد وقع الإجمال، وقد أفردنا لهذا بابا فيما قبل يغني عن إعادته هاهنا.

فهذه ثمانية يعرض بسببها الإجمال، ويلحق الكلام الإشكال، وبيانها أهم وتعدادها أولى من تعداد الأقسام التي ذكرها أبو المعالي.

[فصل في المحكم والمتشابه]

الكلام في هذا الفصل من أربعة أوجه:

- أحدها: الكلام على معنى هاتين اللفظتين في اللغة.

- والثاني: على معناهما عند المفسرين.

- والثالث: على سبب اختلاف المفسرين لهما.

- والرابع: هل يعلم الراسخون في العلم المتشابه أم لا؟

فأما حقيقة المحكم في اللغة فإنه السديد النظم المفيد فائدة صحيحة، ألا تراهم يقولون: بناء محكم، وصيغة محكمة، بمعنى حسن الترتيب والنظام، وعدم التثبج والتخليط، فكذلك الكلام الحسن النظام لفظا ومعنى، ويوصف بأنه محكم.

والمتشابه يكون في اللغة بمعنى المتماثل، ولا فرق بين قولنا: هذا البياض مثل هذا البياض، وقولنا: هذا البياض يشبه هذا البياض. ويكون المتشابه في اللغة أيضا بمعنى الملتبس المشكل، وربما كان هذا المعنى الثاني مأخوذا من الأول، لأن المشكل فيه ضرب من التشابه والتماثل، ألا ترى أن من رأى شخصا فقدره رجلا يعرفه، فإذا به آخر غيره، يقول: اشتبه علي، ومعناه: ماثل من كنت أعتقد، وهكذا في المذاهب كلها، معنى قول الفقيه: اشتبه علي حكم هذه المسألة، بمعنى أن جواببين تقابلا في نفسه، ولم يترجح أحدهما على الآخر، فصار كالمثلين من ناحية استوائهما عنده.

<<  <   >  >>