نفسه، وقد انفعلت عنه هذه الأفاعيل، فهل أضافوا الانفعالات كلها إلى الله سبحانه؟ وقضوا بأنه لا يتغير لأجلها، وهم على زعمهم إنما يهربون عن إضافة هذه الكائنات المتغيرات إلى الله سبحانه لئلا يؤدي ذلك إلى تغيره، فهذا العقل الفعال عندهم كانت عنه هذه الانفعالات ولم يتغير. فإن قالوا: لم يخترع العقل الفعال شيئا فيغيره ما اخترع، وإنما كان انعفال الفعل منه على صفة ما ذكرناه. قيل لهم: فهل أضفتم تلك الصفة من الانفعال إلى كونها عن الله سبحانه؟ وإن كنا قد أفسدنا ما ذكروه من هذه الانفعالات، ولكن هذا الإلزام لا جواب لهم عنه أبدا.
وقد أخذنا في إملاء ما تعلق بكلام أبي المعالي، ونيتنا استيفاء ما قالوه، والرد عليهم كما يجب، ثم رأينا تأخيره إلى أن يسر الله سبحانه في إفراد تصنيف متعلق بهذا النوع، وفيه شرح فرقان تعلق العقل بالكليات المجردة من المواد عندهم بذواتها، أو بالكليات التي يجردها العقل من موادها، بخلاف تلك القوة التي ذكرناها في الإدراكات الباطنة التي من شأنها أن يتعلق بالجزئيات إلى غير ذلك من فصول، هي نوع من الفصول مما يذكرونه في هذا الباب.
وذكر أبو المعالي أنه إنما أورد هذا ليتشوف منه إلى الإلهيات، ولو وقفت على طرائقهم في الإلهيات لرأيت العجب أيضا في براهينهم، والتحكمات التي مدارها على تخيلات لا حقائق لها. وفي هذا القدر كفاية.
[فصل في أنحاء الكلام على العموم]
لما صدرنا (ص ١١٠) الترجمة بكتاب العموم والخصوص، ثم أقطعنا على إيراد ما يليق بأصول الفقه، للعذر الذي قد بيناه، وأوردنا هذا الفصل بالمقصود، نبحث بصدده، فنتكلم فيه على سبعة أوجه:
- الأول: الكشف عن حقيقة العموم والخصوص.
- الثاني: هل يتصور هذه الحقيقة في القول النفسي أم لا؟
- الثالث: هل تتصور في الأفعال أم لا؟
- الرابع: هل تتصور في الأحكام أم لا؟
- الخامس: هل يتصور في المعاني أم لا؟
- السادس: تعيين الأقوال التي تتصور فيها نقل المذاهب.