ظاهر في التحديد والغاية، مؤول في ما سوى ذلك، مما لعنا أن نذكره في كتاب الكلام عند ذكرنا حمل المعتزلة قوله تعالى:(... إلى ربها ناظرة)،وتأويلهم إياهم على أنها ليست بحرف هاهنا، ورددنا عليهم بما لا يليق بسطه هاهنا.
[فصل في المجمل]
الإجمال يقع على وجهين: بمعنى الضم والجمع، وبمعنى الإبهام والإشكال. فأما بمعنى الضم والجمع فكقولك: أجملت الحساب إذا جمعت آحاده، العموم على هذا المعنى مجمل لكونه شمل الآحاد، والمقصود في هذا الباب المعنى الآخر، وهو الإجمال الذي بمعنى الإشكال والإبهام، ومنه قوله: ليل بهيم، وكمي مبهم، بمعنى أن متبرقع مختلف على أن يعرف ببرقعه وسلاحه.
فالمجمل من الألفاظ ما لا يعلم المراد منه على حال، وإلى هذا المعنى أشار الحادون له، فقالوا: هو ما لا يعقل معناه من جهة لفظه، ويفتقر إلى أن يبين بغيره، إلى غير ذلك من حدودهم المشار بها إلى هذا المعنى.
وقد تعرض أبو المعالي إلى تقاسيم المجمل من ناحية ليس هي مطلوب الأصوليين، وإنما هي كتقاسيم التحاسين، فذكر أن الإجمال يعرض في الحكم والمحل، كقولك لزيد: في بعض مالي حق، الحكم هو الحق وهو مجهول لم يذكر جنسه ولا مقداره، والمحل بعض المال، وبعض المال أيضا لم ينوع ولا قدر، فصار الحكم والمحل مجهولين.
وقد يعرض الإجمال في الحكم دون المحل كقوله تعالى:(وأتوا حقه يوم حصاده)، فالحق وهو الحكم مجهول المقدار والجنس، والمحل معلوم وهو يوم الحصاد.
وقد يكون بالعكس فيجعل المحل ويبين الحكم، كالقائل: إحدى نسائي طالق، فإن الطلاق حكم معلوم، ومحله من زوجاته مجهول.
وقد يعرض الإجمال في الحكم والمحكوم له، دون المحكوم عليه، كقوله تعالى:(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا)، فالمقتول مفهوم معناه، والولي الذي له الحق لم يعين ولم يبين من هو، وكذلك أيضا لم يبين الحق الذي لهذا الولي، وإنما قال: (جعلنا