وذكر أن الإجمال ينسحب على الكلام من جهة إجمال في الاستثناء المتصل به كقوله تعالى:(أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم)، فلو تركنا وقوله تعالى:(أحلت لكم بهيمة الأنعام) لاستبنا من هذا الكلام إباحة كل بهيمة من الأنعام، لكنه لما استثنى من التحليل ما يتلى علينا وهو مجهول، عاد بالجهالة فيما استثنى منه وهو المحلل.
وهذا الذي قال صحيح، وذكر غيره من الأصوليين، ولكن بشرط أن يكون المراد بقوله:(إلا ما يتلى عليكم) الإشارة إلى التوقف عن الاستباحة حتى يسمع ما يرد من بيان المراد بها العموم، أو يكون المراد: إلا ما يتلى عليكم من المحرمات، والسامع لم يحط بها علما، فيكون هذا الخطاب مجملا في حقه، إلا أن يحيط علما بجميع ما تُلي علينا من المحرمات. وأما لو أراد: إلا ما سنبيحه، فإن هذا لا يعود بالإجمال.
(ص ١٣١) وذكر أبو المعالي من وجوه الإجمال أيضا أن يكون اللفظ معلوما بالعقول تخصيصه على الجملة، وإن كان لا يوقف على تفصيل التخصيص إلا بعد فكرة وسبر أدلة، فهو مجمل حتى يحاط علما من ناحية العقول ما المراد به، وهذا كنحو ما قلناه في قوله تعالى:(إلا ما يتلى عليكم)، إذا كان المراد به: إلا ما تلي عليكم، ونحن لم نحط به الآن علما، وسنحيط به إذا بحثنا عنه.
فهذه التقاسيم التي أوردها أبو المعالي، وأما التقاسيم التي هي أشبه بعلم الأصول فهي:
أن الإجمال يعرض من ناحية عدم التعيين أصلا كقوله:(وأتوا حقه يوم حصاده)، فإن هذا الحق لم يعين على حال ولا يحاط بمحتملاته، ومنه قوله عليه السلام:"فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" الحديث.
وقد يعرض في معين ولكن يقع في تعيينه تردد كقوله تعالى:(ثلاثة قروءٍ)، فإن القرء معلوم أن المراد به إما الحيض وإما الطهر، فقد تعين المراد، ولكن مترددا.
ومنه ما ذكر أبو المعالي من اكتساب اللفظ المبين إجماله من لواحقه وعد من ذلك ما ذكرناه من قوله تعالى:(إلا ما يتلى عليكم)، وقد ذكرنا ما فيه.
ويلحق بهذا القسم قوله تعالى:(وأحل الله البيع وحرم الربا)[هل هو] عموم أو