ومن نظر إلى أن الزكاة وجبت لأجل أن الإسلام قرابة، قال تعالى:(إنما المؤمنون إخوة)، وقد وجب في الشرع النفقة على القريب على الجملة مواساة له، فكذلك قرابة الإسلام، لكنها من عام إلا عام لكونها قرابة عامة، فصار المستحقون للزكاة من الأصناف المذكورين كالمستحقين بقرابة النسب، فلا ينوب بعضهم عن بعض، ترجح عنده ما قاله الشافعي.
ومن نظر إلى أن الله سبحانه له على عبده نعمتان: نعمة بدنية، ونعمة مالية، فشكر عن صحة البدن والانتفاع بأعضائه باستخدام الأعضاء في الصلاة والحج وغيره من العبادات، وشكر نعمة الانتفاع بالمال بالخروج عن جزء منه إلى الله سبحانه، والله سبحانه لا يناله لحومها ولا دماؤها، لكن أعطيت الزكاة للمحاويج نيابة عن الله سبحانه فيما تكفل لهم به من أرزاقهم، فالمقصود بشرعها شكر النعمة بالمال وجنس ما يعطى، ومن يعطي كالدلالة في تأدية شكر هذه النعمة، ترجح عنده جانب من رأى إجزاء صرف الزكاة إلى أحد الأصناف.
وكتب الفقه أحق ببسط هذا من كتابنا، لكن بسطنا هذه النكت بعض البسط، لأجل أن اختصرنا ما أمليناه في مصرف الزكاة مما قدمنا في هذا الكتاب.
[مسألة تأويلية في الكفارة الإطعامية]
ذكر الله سحبانه في كفارة الظهار الإطعام فقال:(فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا)، فقدر من يطعم بعدد محصور، ولم يقدر قدر الإطعام.
وقد اختلف الناس في الوجهين جميعا
أما قدر الطعام في كفارة الظهار فإن لمالك فيه أربعة أقوال: أحدها: أن الذي يطعمه كل مسكين مد بمد النبي عليه السلام، وبهذا قال الشافعي. والثاني: مد وثلث. والثالث: مد وثلثان. والرابع مدان.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه إن كان الطعام برا كان مدين، وإن كان تمرا أو شعيرا كان الأطعام صاعا.
وأما عدد من يعطي هذا الطعام فمذهب مالك والشافعي مراعة العدد الذي ذكر الله سحبانه وهو ستون مسكينا، فلا يجزئ عندهما أن يعطي الكفارة لأقل من ستين مسكينا، كما لا يجزئ أن يعطي كفارة اليمين بالله لأقل من عشرة مساكين.