- أحدها: أن القول مقدم لكونه له صيغة تتضمن المعاني، والفعل جامد مقصور على فاعله.
- والثاني: أن الفعل أولى لأنه مما لا يحتمل]، والقول مما يحتمل، وما لا احتمال فيه أولى.
- والقول الثالث: أنهما سيان لا يرجح أحدهما على صاحبه، لما ذكرناه مما لكل واحد منهما من الترجيح.
وهذا يمثل "بقوله عليه السلام عن استقبال القبلة واستدبارها"، مع ما رواه ابن عمر أنه "رآه على اللبنتين ... " الحديث. ويمثل بغير ذلك من الأحاديث.
[فصل في تقرير النبي عليه السلام على الفعل]
اعلم أنه عليه السلام لا يرى منكرا إلا غيره، ومتى سمع قولا أو رأى فعلا، فلم ينكره دل ذلك على جوازه وإباحته لمن أقره عليه، إذ لو كان حراما لأنكره، اقتضى هذا أيضا إباحته لسائر الأمة، لأن حكمه على الواحد حكمه على الجميع. هذا على مذهب الجمهور، وهو المعروف عند الفقهاء.
وذكر أبو المعالي هاهنا أن هذا القول إنما يصح إذ كان المقر على الفعل منقادا للشرع، سامعا مطبعا، وأما الأبي الممتنع كالكافر، فلا يكون إقراره عليه دالاً على الإباحة والجواز.
والذي قاله أبو المعالي في الكافر صحيح، ولكن في الذي قال في المناطق نظر، لأن المنافقين لو زنوا أو شربوا الخمر لأقام الحد عليهم، والحدود تغيير للمنكرات، وكذلك ينهاهم لو رآهم على معصية، لأن السكوت على الإنكار يوهم من سواهم جواز الفعل، لما كان المنافقون منقادين في الظاهر للشرع واقعين فيما يرغبون تحت أمره ونهيه، خوفا أو طمعا.
وألحق أبو المعالي بهذه المسألة الكلام على حديث مجزز، وذكر استلال الشافعي على الفعل بالقافية في الأنساب بحديث مجزز (ص ١٦٢) و"أنه عليه السلام سر بقوله في أسامة وزيد: هذه الأقدام بعضها من بعض"، وذكر أن الشافعي اعتمد على هذا الحديث في