للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل أدرجه أبو المعالي في صفة الرواية وذكر فيه التعديل والتجريح]

ونحن نذكر في هذا الفصل سبع مسائل:

- المسألة الأولى: ما العدالة والجرح؟ (ص ٢١٦)

- المسألة الثانية: ما العبارة المطلوبة في الشرع عنهما؟

- المسألة الثالثة: هل تقوم بعض الأفعال مقام العبارة عنهما؟.

-المسألة الرابعة: عدد من يثبتها.

- المسألة الخامسة: هل يكشف المعدل والمجرح عن طريق علمهما؟.

- المسألة السادسة: اختلاف من يثبتها.

- المسألة السابعة: هل يستغنى بعض الأشخاص عن البحث عن ثبوتها؟

أما المسالة الأولى: فاعلم أن العدالة عند أهل الشرع: هي اتباع أوامر الله سبحانه على الجملة، وقد يتبع الإنسان أمر الله سبحانه في فعل من الأفعال، فيكون في ذلك الفعل خاصة عدلا، ويعصي الله سبحانه في فعل آخر فيكون في ذلك غير عدل.

ويجري على الإنسان تسمية عدل مجازا واتساعا، لأن العدل مصدر، تقول: عدل يعدل عدلا، وتسمية الشخص باسم فعله مجاز. وقد قيل: إن هذه التسمية من أسماء الأضداد، لأنك تقول: عدل السهم إذا جار وانحرف عن القصد، وتقول [عدل] الرجل إذا سلك القصد واتبع المنهج الذي أمر به. فهذا ذكر العدالة على الجملة من ناحية اللغة.

وأما من ناحية الشرع، فاعلم أنه لا مطمع لأحد في إيراد صيغة على صيغ الحدد حاصرة للعدالة مبنية لها على التعيين والتفصيل، ولما أيس العلماء من العثور على هذا القول الجامع المانع، عدلوا إلى ذكر رسوم مبننة عنها على الجملة؛

فقال الشافعي: لا أحد يطيع الله سبحانه حتى لا يعصيه، كما لا أحد يعصيه حتى لا يطيعه، فلا سبيل إلى رد الجميع ولا قبول الجميع، فلابد من فاصل، فمن كان الأغلب عليه الاستقلال بالفرائض وأوامر الله سبحانه، والكف عن زواجره، والتحلي بالمروءة فإنه عدل، ومن كان بالعكس فإنه غير عدل، فمن لم يمتثل أمر الله سبحانه، أو وقع فيما يسقط مروءته وقدره في الناس، فذلك ساقط الشهادة والرواية.

وقال بعض العلماء: لا شك في أن متفرقة الكبائر كالزنا وقتل النفس مستجرح، والمتوالي على فعل الصغائر غير مقبول القول، لأن ذلك يتنزل منه منزلة مقارفة الكبيرة، والواقع في صغيرة واحدة غير مردود القول، إلا أن يكون تعمد الكذب فإن هذا يوجب التوقف عن قبول قوله، لأنا وإن فرضنا كذبة واحدة وقعت منه من الصغائر، فإنها تؤثر في

<<  <   >  >>