(ص ١٥١) سلكه أبو المعالي واشترطه، ولكنه لم يقيد الصفة بإحالة، لأن رأية ورأي غيره في العلل المستنبطة (...) رأي أبي المعالي على ما سنذكره في كتاب القياس إن شاء الله، ونتكلم هناك عن التعليل بأسامي الأعلام، وعلى ما يصلح أن يعلل به من الصفات.
وهكذا قال من تقدم: إن الاسم المشتق إذا علق به حكم، دل على أن معنى الاشتقاق هو علة الحكم، كقوله تعالى:(والسارق والسارقة)، و (الزانية والزاني)، فإن هذه أسماء مشتقة من الزنا والسرقة، والزنا والسرقة علة هذه الحدود.
وذكر أبو المعالي أن هذا إنما يتصور في الزنا والسرقة، لكون هاتين الصفتين مخيلتين بالحكم الذي علق بهما، وأشار إلى الكلام على قوله عليه السلام:"لا تبيعوا الطعام بالطعام" الحديث، وأحال بسط القول فيه على كتاب المترجم بالأساليب، وهذا الكتاب الذي أشرنا إليه ذكر فيه عن قوم أن الطعم علة في الربا، وهي مخيلة، لكون الطعم به طعام الأبدان، وبسط ما في هذا القول بما لعلنا نحن نبسطه إذا وصلنا إليه فيما نمليه في الفقيهيات إن شاء الله.
[فصل [في إشكال]]
واعلم أنه قد يقع في هذا الباب ما يشكل، وقد أشرنا إليه، ومن ذلك حرف الغاية، فإن نفاة دليل الخطاب جمهورهم على تسليم دلالة اللفظ على أن ما بعد الغاية بخلافها كقوله تعالى:(ولا تقربوهن حتى يطهرن)، وكقوله تعالى:(حتى يعطوا الجزية عن يدٍ)، كقول القائل: اضرب زيدا حتى يتوب، فإن التوبة غاية للضرب، وغاية الشيء نهايته، فلو كان يضرب بعد التوبة لبطل كون التوبة غاية. وقد عرف أن "حتى" هاهنا حرف غاية، فاقتضى هذا أن ما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وإلى هذا رجع القاضي ابن الطيب، بعد أن كان يقول خلافه.
وهكذا حرف الحصر وهو قوله:(إنما إلهكم الله)، وكقوله:"إنما الولاء لمن أعتق"، فتردد قول القاضي ابن الطيب في ذلك، ومال إلى أن الأظهر حصر الأمر على