للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطاب، وأن ذكر الصفة لم ترد في الشرع إلا للإشعار بأن ما عداها في الحكم بخلافها، ولكن أطلق هؤلاء هذا الجواب في الصفة لعلة ما ذكرناه.

وقيد أبو المعالي بالإخالة، وأشار إلى أنه لا يقع في الشرع من ذكر الصفات ما لا يفيد فائدة، وأشار أبو المعالي إلى أن هذه الصفة إن كانت مخيلة مشعرة بالحكم فإنها أدل على نفي الحكم عما سواها من الشرط، ومن قال: أنا أكرم زيدا لأجل زيارته لي، كان أدل على ارتباط إكرام زيد بالزيارة، من قوله: من زارني أكرمته.

وقد ذكر أيضا أن منكري دليل الخطاب في الشروط أسرفوا وأفرطوا، ومن العناد والمكابرة أن يقال: إذا قال القائل: من أكرمني أكرمته، فإن هذا لا يفهم منه أنه لا يكرم من لم يكرمه، ومن زعم أن الشرط لم يعلق إجراؤه به، فقد أفسد حقيقة اللسان وعاند في مقتضاه.

وهذا الذي تمثل به أبو المعالي يلحق بالقسم الذي ذكرناه مما فيه إخالة وإشعار بالحكم يحسن معه ارتباط الصفة بالحكم وانتفاؤه مع انتفائها، لأن الإكرام يتخيل باقتضاء الإكرام، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. لكن لو فرضنا هذا فيما لا إخالة فيه، فإنه لا يظهر الأمر فيه ظهوره فيما تمثل به أبو المعالي، فلو قال: اضرب زيدا إن وجدته بمكان كذا، فإن هذا قد يحسن الاستفهام فيه بأن يقال: أأضربه إن وجدته بغير ذلك المكان؟ لأن هذا إن لم يعرف فيه علة مختصة بالمكان خرج عن المعنى المخيل.

وهذا الذي قيده أبو المعالي في اشتراط الإخالة في الصفة، وإن كان أطلقها من سواه، وقد أشار إليه بعض [ما] تقدم، وذلك أنا قدمنا أن مِن عُمَدِ القائلين بدليل الخطاب أن اختصاص الصفة بالذكر إذا لم يفد أن ما عداها بخلافها كان ذكرها لغوا، ولا يليق اللغو بكلام النبي عليه السلام.

وناقضهم جماعة من الأصوليين في هذا الاستدلال بأنهم يلزمهم عليه مذهب الدقاق وابن خويز منداد في أن التخصيص بالاسم العلم يدل على أن ما عداه بخلافه، وإذا صح أن لا دليل له في المسكوت عنه مع اختصاصه بالذكر صح ذلك في الصفة مع اختصاصها بالذكر.

وأشار أبو المعالي إلى صحة الإلزام، وذكر القاضي أبو محمد عبد الوهاب أن الفرق بينهما أن الاسم العلم لا يصلح أن يعلل به، والصفات والمعاني يعلل بها، فإذا صلحت تعليلا كانت على المسكوت عنه دليلا.

فأنت ترى القاضي أبو محمد عبد الوهاب كيف أشار إلى طريق التعليل الذي

<<  <   >  >>