قدره، فإذا كانت الصفة غير مخيلة ولا مشعرة بما علق عليها من الحكم جرت مجرى اسم اللقب في تعليق الأحكام عليه، فإن اسم اللقب قد قال الدقاق وابن خويز منداد من أصحابنا: إنه يجري مجرى تعليق الحكم بالصفة في أن ما عداه بخلافه، وأفرط الناس في إنكار هذا المذهب.
وسلم أبو المعالي أن الاختصاص بالاسم اللقب لا يكون إلا لغرض، ولكن ذلك الغرض لا يوقف عليه، ولا يعين بل يعتقد غرض مبهم في حق من نقل إليه هذا الكلام المخصص باللقب.
وأما من شاهد الكلام فإنه قد يستشعر قصد المتكلم بالتخصيص إذا رأى جماعة فيهم زيد، فقال: رأيت زيدا، وخصه دون من رآه لعلة فطن بها من شاهده وسمع كلامه، وعرف أغراضه، حتى لو أراد نفي ما علق باللقب عما سواه لكانت العبارة عنه بصيغة أخرى، فيقول: لم أر إلا زيدا، وإنما رأيت زيدا فمن مثل هذه (ص ١٥٠) العبارة يفهم انتفاء الرؤية عن غير زيد، وأما قوله: رأيت زيدا، فإنه إنما يفيد غرضا ما في تعليق رؤيته بزيد دون غيره من الناس، ولا يكون من جملة هذه الأغراض المبهمة قصده إلى نفي الرؤية عن غير زيد لأجل ما ذكرناه، إن العبارة عن نفي رؤيته لغير زيد إنما يكون بما صورناه من قولك: ما رأيت إلى زيدا، وإنما [رأيت] زيدا، ولا يقول: من أراد أن يخبر عن نفسه بأنه لم ير أحدا إلا زيدا، رأيت زيدا. والصفة إذا لم تكن مخيلة جرت مجرى الاسم العلم في هذا الذي قلناه، فلا يتعين الغرض فيها أيضا بأن يعتبر أن قصد المتكلم نفي حكمها عما عداها، حتى إذا كانت مشعرة مخيلة تعينت الإفادة، ودلت الإخالة على أن قصد المتكلم تعليق الحكم بها، ونفيه عما سواها، وجرت مجرى التعليل.
ولكنا لا نشترط في التعاليل المستنبطة الانعكاس كما قررناه، ولا يقدح في هذه الصفة المنطوق بها الجارية مجرى التعليل بمعنى مستنبط مخيل بما يقدح به في العلل المستنبطة، لأن هذه كلفظ أصله صاحب الشرع في الأحكام فيتصرف فيه كما شاء، بخلاف ما نظنه نحن ونستنبطه، فإن القوادح إذا تطرقت إليه أشعرت بتخطئتنا فيما استنبطناه، والذي يتفق من صاحب الشرع من التخصيص بالصفات من هذا النوع المفيد المخيل.
وأما ما لا إخالة فيه ولا إشعار بالحكم ولا فائدة لذكره في تأصيل الأحكام وبنائها، فلم يقع في الشرع. ولو قال قائل: زيد إذا مشى حرك رجليه، وإن أكل حرك فكيه، لعد هذا التخصيص بزيد من الهزء واللعب، لأن غيره مثله في هذا، حتى إذا أضاف إليه معنى خالف به من سواه، كان هذا معنى مفيدا، وهو التمثيل بما يعمل عليه القائلون بإثبات دليل