الأول إلا هفوة، فإن من يقتل بالأحجار لا معنى لجلده.
وتعقب أبو المعالي على القاضي ما أورده فقال: في السلف من يجمع بين الجلد والرجم، ولولا ذلك لما اعتني الشافعي بالكلام على الحديث، فالإجماع غير مسلم. وأما قوله: إن الحديث الأول هفوة، لعل الراوي سمع الجلد في البكر فطرده في الثيب، فإن هذا لا يسوغ التعلق بمثله، ولا ترد راية الثقاة بمثل هذه الإمكانات، ولكن إنما يستعمل هذا في التأويلات، تقوية للتأويل، وإظهار لغلبة الظنون.
وقد قال بعض الحذاق، إن الراوي متى علم اختصاره للحديث يوجب تهمته عند التلامذة، والنظر إليه بعين الاسترابة وسوء الحفظ، فإنه لا يسوغ له أن يحمل الناس على إساءة الظن به، وأن يحلظوه بالضعف في الثقة و [العدالة]، وهذا ضرب في فن آخر، لا يتعلق بيانا من جهة أخرى، لأن المنع من هذا المعنى يعود إلى الراوي في حال نفسه، لا لمعان تعود إلى بيانات الشرع وأوضاعه.
[فصل في أحكام الانفراد في الرواية]
الكلام في هذا الباب من ثلاثة أوجه:
- أحدها: تقاسيم الانفراد المراد في هذا الباب.
- والثاني: نقل المذاهب فيما يقبل منه أو يرد.
- والثالث: بيان سبب اختلاف المذاهب.
فأما الوجه الأول فإن الانفراد الذي تكلم عليه الأصوليون في هذا الباب خمسة:
- أحدها: أن ينفرد الراوي بنقل حديث أو حديثين، لا يروي في عمره سواهما.
- والثاني: أن يكون من المكثرين للرواية وإن انفرد بنقل حديث عن شيخه، دون بقية أصحاب الشيخ وتلامذته.
- والثالث: أن ينفرد دون التلامذة بإسناد ما أرسلوه.
- والرابع: أن ينفرد برفع ما أوقفوه.
- والخامس، وهو مقصود الباب: أن ينفرد بزيادة في حديث رواه هو وغيره من التلامذة وغيره عن شيخهم.
وأما الوجه الثاني وهو نقل المذاهب فاعلم أن كون الراوي مقلا حتى لا يروي