سوى حديث واحد أو حديثين لا يقدح في روايته عند سائر العلماء والمحققين، وربما أنكر بعض المحدثين قبول رواية مثل هذا، ويرون قلة حفظه علما على قلة عنايته، وقلة عنايته توجب انخرام الثقة بخبره.
وأما انفراده بحديث دون بقية التلامذة، أو بإسناد مرسل، أو بإسناد موقوف، فإن العلماء أيضا المحققين، على أن ذلك غير قادح في الرواية، ولا مانع من العمل بها، والمحدثون أيضا ينكرون ذلك، ويقفون عن قبوله.
وأما انفراد أحد التلامذة بزيادة لفظ في حديث رواه جميعهم، فإن للناس في ذلك ستة أقوال:
- أحدها: قبول ذلك على الإطلاق، وإليه مال أبو الفرج من أصحابنا.
- والثاني: منعه على الإطلاق، قال به جماعة من العلماء، وقال (ص ٢٤٣) القاضي أبو محمد عبد الوهاب: إن في كلام بعض شيوخنا ما يدل على منع الأخذ به، لأجل أنهم ردوا زيادة أحد الرواة إلى حديث عدي بن حاتم في الصيد "وإن أكل فلا تأكل"، لأن جملة الرواة إنما رووا أن عدي بن حاتم لما استفتى النبي عليه السلام عما يحل أكله من الصيد الذي اصطاده فقال عليه السلام:"إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل"، وانفرد الشعبي فزاد على هذا:"وإن أكل فلا تأكل"، فلما انفرد الشعبي بهذه الزيادة لم يقبلها بعض شيوخنا.
- ومن الناس من قال: إن كان المزيد لفظا لا يتعلق به حكم قبل، وإن كان يتعلق به حكم لم يقبل.
- ومنهم من عكس هذا، فقال: إن لم يتعلق به حكم يكون ناسخا لما سواه قبل، وإن لم [يكن] ناسخا لم يقبل.
- ومنهم من قال: إن كانت الزيادة من الراوي بعينه الذي كان أرواه الحديث ناقصا لم يقبل، وإن كانت زيادة رواها تلميذ دون التلاميذ قبلت.
فهذه جملة المذاهب المذكورة في هذا الباب.
وأما الوجه الثالث وهو سبب اختلاف المذاهب في جميع هذا كله فإنه يدور على نكتة واحدة، وهي ما قررناه مرارا من أن المعتبر فيما يقبل أو يرد من الأخبار حصول الثقة أو انخرامها، وإذا كانت الظنون الواقعة عقيب خبر الآحاد، أو العلوم الضرورية عقيب خبر