للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعتمد على قوة البحث عن طرق الاسترابة للخبر حتى تسكن النفس إلى صدق التلميذ، ووهم الشيخ، أو تيقن عن قبول الخبر والتصديق به، فيعول فيها على ما تشهد به مخايل الأحوال، وفي هذا كفاية.

[فصل في كيفية الرواية وتفصيلها وردها وقبولها]

تقرر فيما تقدم حقيقة الأخبار، وأقسامها، وثمراتها من علوم أو ظنون، ومن يقبل من الرواة، ومن لا يقبل، والعبارة عن التحمل والتحميل، فلنتكم هنا عن تغيير الراوي العبارة التي رواها، فاعلم أن الكلام في هذا الفصل من ثلاثة أوجه:

- أحدهما: بيان موقع الاتفاق والاختلاف في هذا الباب.

- والثاني: نقل المذاهب.

- والثالث: سبب اختلاف المذاهب فيه.

فأما الوجه الأول فاعلم أن للمسألة موقعا اتفاقيا، وجل المصنفين يشير في هذا إلى موقع واحد، وهو موقع يتفق فيه على منع تبديل العبارة المسموعة وانفرد القاضي أبو محمد عبد الوهاب بإشارة يستلوح منها إثبات موقع آخر اتفاقي وهو موقع يتفق فيه على جواز تبديل العبارة على الجملة، وما سوى هذا الموقع الواحد على رأي الجمهور، أو الموقعين على رأي القاضي أبي محمد عبد الوهاب فهو محل الخلاف وموقعه.

فأما الموقع الاتفاقي على منع النقل بالمعنى وتغيير العبارة المروية فإنه يجمعه أربعة أوصاف:

أحدها أن يقطع الرواية على أن تبديله العبارة يضمن تبديل المعنى وتغييره إلى ما ليس هو منه، كما لو غير قوله: "نهى عن كذا" بقوله: "أمر"، وقوله: "خطر" بقوله: "أباح"، وكما لو غير قوله عليه السلام: "إن الله يأمركم بكذا" بأن قال: قال عليه السلام: "إن الله أوجب عليكم، وفرض عليكم كذا"، على القول بأن قوله: يأمركم ينطلق على الواجب والمندوب، لأن هذا تغيير رفع من اللفظ ما ثبت فيه من التردد، وعين فيه مراد الله سبحانه، وهو يجوز أن يكون أراد خلاف ما نقل عنه.

والثاني أن يشك في اللفظ الذي بدله؛ هل معنى اللفظ الذي عبر عنه مثل اللفظ الذي سمع في تأديه المعنى أم لا؟ وهذا لا تحصى أمثلته، ولكن ما تقدم من المثال يحسن أن يضرب فيه، وذلك أن يكون الراوي شاكا؛ هل لا معنى لقوله: "إن الله أمر بكذا" إلا أنه

<<  <   >  >>