للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصله في اللغة الظهور، فلا شك على هذا في تسميته ظاهرا، والمعنى فيه أظهر منه في المعاني المستفادة من الظواهر التي نحن في الكلام عليها، لكن العرف هجران هذه التسمية في النصوص، وقصرها على لفظ احتمل المعنيين أو لمعان، ولكن في أحد معانيه أظهر، وعرف الاستعمال قد غلب على أحد معانيه.

وقد قيل في حده: إنه ما لا يحجر السامع عن فهمه شيء، وهذا يدخل عليه النصوص، وإن كنا قلنا: إن القاضي يسميها ظواهر، ويرى على أصله كل نص ظاهرا، وليس كل ظاهر نصا.

وقيل في حده: ما احتمل معنيين، وهو في أحداهما أظهر.

وقال بعض هؤلاء: ما احتمل معنيين أو معاني غلب عرف الاستعمال على أحدها.

وقال بعضهم: ما سبق إلى الوهم معناه على وجه فيه احتمال.

وذكر أبو إسحاق الإسفراييني (ص ١٣٠) أنه لفظ معقول يبتدر إلى الفهم، وله وجه في التأويل سائغ لا يبتدره الظن والفهم.

هذه معاني حدود من ذكرنا حدودهم فيه، والغرض قد قدمناه، وكل هؤلاء الحادين عليه حوموا، وذكر القاضي أ، هـ لفظ معقول المعنى له حقيقة ومجاز، وهو في حقيقته ظاهر وفي مجازه مؤول.

وهذا الذي ذكره القاضي أحد أنواع الظواهر، وتبقى منه أقسام غير ما ذكره، ربما كان الأمر بالعكس فتكون المجازات الشائعة الغالبة على الحقائق في التخاطب هي الظاهر السابق إلى الفهم، والحقيقة هي المؤولة، كقولهم: دابة، فإن حملها على حقيقتها وهو الدبيب المحض، خلاف الظاهر، وحملها على نوع من الحيوان يدب هو الظاهر، فكأنه ظاهر في جهة المجاز، وهو ما أشرنا إليه من معنى القصد الذي ليس هو أصل الوضع.

وعلى طرد ما قلناه يون العموم ظاهرا، والخصوص مؤولا، والوجوب في الأوامر والتحريم في النواهي ظاهرا، والندب والتنزيه مؤولا. وهكذا ألفاظ النفي المحمولة على الجواز والكمال هي ظاهر في نفي الجواز، مؤولة في نفي الكمال، كما بيناه في بابه. ومن ذلك ما يتلقى من المخصصات على ما سيرد، فالاستمساك به تعلق بالظاهر، وتركه في حكم التأويل.

والظهور يستبين وقوعه في الأسماء والأفعال، وأما الحروف كمثل "إلى"، فإنه

<<  <   >  >>