للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأختين بملك اليمين، لكون هذا اللفظ شاملا لهما، أو لا يحتج بذلك؟ لأن القصد مدحة من حفظ فرجه، لا بيان ما يحل وما يحرم.

وهكذا ما ورد مورد الذم، كقوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة) الآية، هل يحتج بها في زكاة أموال من الذهب والفضة اختلف في زكاتها لأجل دخولها في هذا العموم أو لا يحتج بذلك؟ لأن القصد ذم من منع حق الله، لا بيان ما يجب فيه حق الله سبحانه مما لا يجب.

وهكذا تنازع الأصوليون في تعليق الحكم بأسماء الأجناس كقوله عليه السلام: "في الرقة ربع العشر"، هل يحتج به في مقادير اختلف في زكاتها أم لا؟ فمن احتج به تعلق بعموم اللفظ، ومن منع الحجة به تعلق بأن القصد ذكر الجنس المتعلق به الحكم، لا تفاصيل الحكم، ونحن نبسط ما اقتضاه من هذه المعاني في كتاب التأويلات إن شاء الله.

وقد يعرض الإجمال من ناحية تعارف الشرع على أسماء كالصلاة والصوم والحج، فإن هذه أسماء زعم بعض الأصوليين أنها مجملة لا يحتج بها، لأجل أن المراد بها في الشرع غير المراد بها في اللغة، ألا ترى أن الصلاة في اللغة الدعاء، وفي الشرع: ركوع وسجود وما ينضاف إليها، فقد صار المراد بذلك غير ما أرادته العرب، وهذا الغير معلوم بوضع اللسان، فافتقر العلم به إلى بيان من غير لفظه، فهو مجمل. وهذا المذهب يقوي على طريقة من يقول: إن الشرع نقل هذه الأسماء.

وقال آخرون: ليس هذا بمجمل، بل يحتج به على إيجاب كل دعاء، إلا ما خرج بدليل، ولهذا حسن عند هؤلاء الاحتجاج على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة كما قال الشافعي وبان المواز من أصحابنا بقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة)، والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم دعاء، فدخلت في هذا العموم، وهذا أيضا يحسن على طريقة من قال: إن الشرع لم ينقل هذه الأسماء، وقد تقدم بياننا لما علم [من] الشرع في هذه الأسماء بما فيه كفاية.

وقد يعرض الإجمال من نفي الذات الثابتة كقوله: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد"، فزعم قوم أن ذلك مجمل، واختلف هؤلاء في سبب إجماله، وقد تكلمنا على جملة ما قيل فيه، وتفصيل المذاهب المنقولة فيه في باب أفردناه له فيما تقدم، فلا معنى لإعادته.

وقد يعرض الإجمال في الأفعال كما روي "أنه عليه السلام قصر في السفر"، ولم يذكر هل

<<  <   >  >>