البياعات، وكونها مجملة في كل بيع فيه زيادة، لأجل ما تعارض هاهنا في حكم الزيادة من جهة قوله:(وأحل الله البيع)، ومن جهة قوله:(وحرم الربا).
وقد يعرض الإجمال من ناحية تعلق الحكم بالأعيان المعلوم أنها لا تدخل تحت قُدرنا كقوله تعالى:(حرمت عليكم أمهاتكم)، وكقوله:(أحلت لكم بهيمة الأنعام)، ومعلوم أن نفس بهيمة الأنعام، ونفس الأم لا يوصفان بتحليل أو تحريم، لأنا لا قدرة لنا على ذواتها، وإنما لنا قدرة على التصرف فيها، والتكليف إنما يتعلق بمقدور عليه. وقد اختلف الأصوليون في هذا، فرآه بعضهم مجملا لأجل العلم بأن نفس ما يتناوله اللفظ من الأم والبهيمة غير مراد، وأن المراد غيره، وهذا (ص ١٣٢) الغير مراد غير منطوق به، وما لم ينطق به لا يعرف.
وقال آخرون: ليس هذا بمجمل، لأن عرف التخاطب أغنى عن النطق، وقد علم أن المراد بقوله تعالى:(حرمت عليكم أمهاتكم) وطء أمهاتكم، وبقوله:(أحلت لكم بهيمة الأنعام) أي أكل بهيمة الأنعام والانتفاع بها، فصار المحذوف هاهنا كالمنطوق به، لما فهم من جهة العرف.
ومما ينخرط في هذا السلك وقد اختلف فيه الأصوليون قوله تعالى:(وليس الذكر كالأنثى)، ومعلوم مماثلة الذكر الأنثى في الإنسانية وغير ذلك مما علم ضرورة مساواة الذكر فيه للأنثى، فعرف أن المراد أن الذكر ليس كالأنثى في بعض الأحكام، وهذا البعض غير منطوق به، فصار مجملا من هذه الجهة. وقال آخرون: بل هذا على العموم حتى يخص ما يخص من الأحكام بدليل.
وثمرة هذا النزاع احتجاج قوم من الفقهاء على أن المرأة لا تكون قاضيًا فيما تشهد فيه، ولا تؤم في الصلاة، ولا تلزمها الجمعة بهذه الآية، لأن هذه الأحكام تلزم [الذكور] فلا تلزم الإناث، ولا تصح منهن حتى تكون الأنثى غير مساوية للذكر، كما قال الله تعالى، وهكذا قوله تعالى:(لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة)، إذا تعلق به من قال: لا يقتل المسلم بالكافر.
هكذا أيضا تنازع الأصوليون في إجراء الخطاب على ما ليس بمقصود فيه، وإن كان بحكم العموم داخلا في اللفظ، هل يحتج به من ناحية شمول اللفظ له، أو لا يحتج به من ناحية عدم القصد إليه، وهذا كعمومات وردت مورد المدح كقوله تعالى:(لفروجهم حافظون* إل على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم)، فهل يحتج بهذه الآية على جواز وطء