يقدر على الحركة والسكون اللذين هما مناطق التكليف غالبا، كما يقدر الحر.
وأما التعويل على كونه مستحق المنافع، فنحن لا نوجب عليه حق الله سبحانه في الحال التي يوجب عليها فيها من حق سيده ما يمنعه من القيام بحق الله سبحانه، لأنه لو أوجبنا ذلك كلفناه ما لا يطيق، وإنما يوجب عليه حق الله في حال ليس لسيده عليه حق يمنعه من القيام بحق الله سبحانه، وهذه الصورة هي محل الخلاف، وتعليلهم ساقط فيها لا يتصور.
ومن ذلك دخول النساء في جمع السلامة الوارد في جمع التذكير، كمسلمين، ومؤمنين. وهذا أيضا مما اختلف الناس فيه، فذهب الشافعي إلى أنهم لا يدخلون في مثل هذا الخطاب، وهو اختيار جماعة الحذاق من مشاهير المتكلمين والفقهاء، وهو الذي نصر القاضي عبد الوهاب، ونصر ابن خويز منداد من أصحابنا القول الآخر، وهو دخولهن في الخطاب، وبه قال ابن داود وغيره.
وإنما نشأ الخلاف من ورود صورة اتفق عليها النحاة، وهي تغليب المذكر على المؤنث في الجمع، فاغتر قوم بهذا فأخذوه عنهم على إطلاقه فقالوا بدخول النساء في الخطاب، وليس الأمر كما ظنوه، وإنما ذكرت النحاة تعليم المتكلم كيفية النطق إذا أراد أن يعبر عن نساء ورجال، وقد علموه أن علامة الجمع فيهم مختلفة كما تقدم، فجمع المسلمة مسلمات، فالعلامة ألف وتاء، وجمع المسلم مسلمون، فالعلامة واو ونون، فعلموه هاهنا تعليما ثانيا هو أن يغلب علامة المذكر إذا قصدوا إلى العبارة عن جماعة نساء وجماعة رجال، ولم يذكروا أن اللفظة عند إطلاقها موضوعة لتناول الجميع، فشتان ما بين تعليم القاصد إلى التعبير عن الجمع كيف ينطق، وبين الحكم على مقتضى لفظة لا يعلم قصد مطلقها.
وقد احتج الشافعي على أنهن لا يدخلن في الخطاب المذكور بشكوى أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله سبحانه لم ينزل فيهن خطابا، وإنما خاطب الرجال، فنزل عند شكواها:(إن المسلمين والمسلمات)، الآية، فلو كن داخلات لما شكت هذا، ولأنكره عليه السلام عليها، ولما احتيج إلى نزول هذه الآية عند شكواها.
وأجاب الآخرون عن هذا بأن القصد بشكواها استدعاء تنويه بهن إذا ذكرهن، وتشريف لهن بذكرهن في القرآن، وقد أغلى بعض أصحاب أبي حنيفة فقال: لا تدخل