أو ما بني مبناه، وقد علم أن هذه الصيغة، وهذا المبنى يرد أمرا.
ويرد تهديدا كقوله تعالى:(اعملوا ما شئتم).
وترد تعجيزا كقوله تعالى:(فإن كان لكم كيد فكيدون).
وترد تكوينا، كقوله تعالى:(كونوا قردة خاسئين).
وترد إباحة كقوله تعالى:(وكلوا واشربوا).
فإذا ثبت تصرفها في هذه المصارف وجب ألا يدعى وضعها لإحدى هذه الجهات إلا بدليل، ولم يقم دليل على ذلك.
وأما الآخرون فيستدلون على أن العرب ذكرت حقيقة الأمر على الجملة، وقسم أهل اللسان الكلام إلى أقسام منها الأمر، فاقتضى ذلك إثبات نوع من العبارة يختص بهذا القسم، كما ثبت نوع من العبارة يختص بالخبر، ونوع آخر يختص بالاستخبار.
والنظر في هذه المذاهب إنما يستند إلى إثبات كلام في النفس، ينظر هل وضعت العرب له صيغة أم لا؟ وأما من نفي كلام النفس فليس عنده هاهنا أمران يكون أحدهما صيغ للدلالة على الآخر فمتى قال هؤلاء: صيغة الأمر كذا، فالأمر هو نفس الصيغة، من غير مزيد. فبالإضافة إضافة الشيء لنفسه كقوله تعالى:(علم اليقين)، وقولهم: نفس الشيء، ونفس الذات.
وأما الوجه الثاني، وهو النظر في مقتضى هذه الصيغة إذا ثبتت، وهذا مما اختلف الناس فيه:
- فمنهم من ينكر اقتضاءها لمعنى معين من تلك المصارف التي عددناها، وذكرنا انصراف القول: افعل، إليها، وهؤلاء هم المعروفون بالواقفية، شيخهم الأشعري، وتبعه جماعة من أئمة المتكلمين، وذكر هذا المذهب عن الشافعي، وقال قال الشافعي في قوله تعالى:(وأنحكوا الأيمى منكم): لا يستدل به على اشتراط ولي المرأة، لتردد الأمر بين الإيجاب والندب.