على العباد، وما حق العباد على الله" الحديث، ونبهنا على إطلاق القول بثبوت حق العبد على ربه، على حسب ما وقع في الحديث.
وذكر أبو المعالي أيضا هروب قوم عن لفظ الاستحقاق، كما أشار إليه من التعقب إلى أن قالوا: حد الواجب ما توعد الله بالعقاب على تركه، ولمز في هذا الحد لمزا (ص ٩٥) لا يليق بأصولنا، وبسط الكلام معه فيه يتعلق بعلم الكلام، والنظر في مذاهب الناس في تنفيذ الوعيد، وهل ترك تنفيذه خلف قبيح لا يجوز كالكذب، أو لا قبح فيه؟ بخلاف الوعد الجميل فإنه الوفاء به ممدوح، لأنه إنما يحمل على الخلف فيه الشح والحرص، وذلك معنى مذموم، والتجاوز عن جناية الجناة، إنما يحملنا عليه الحلم وكرم الطباع، والله وصف نفسه بالحلم، وهو جميل الصفح والعفو، فلا قبح في أن لا ينفذ وعيده في بعض العصاة، والقصد بالوعيد: التخويف والتحذير، ولم يقصد به الخبر القاطع عن وقوع الشيء أو عدم وقوعه.
وأشار أبو المعالي إلى أن المعنى بالوعيد لابد أن ينفذ فيه ويعاقب، ومن الواجبات ما يعفو الباري سبحانه عن تاركه فلا يعاقبه، ولو كان مقصودا بالوعيد لعاقبه. وهذا إنما يبسط في كتب علم الكلام.
وذكر أبو المعالي أنه قد قيل: الواجب ما يخاف العقاب على تركه، ونقض هذا بمن غلط فاعتقد وجوب ما ليس بواجب، وتخوف العقاب على تركه، فخوف العقاب قد حصل، والوجوب لم يحصل، وهؤلاء لم يتعرضوا للغلط في ثبوت الوجوب، وإنما تعرضوا لحقيقته، واعتقاد هذا الغالط أن حقيقته ثابتة صحت منه المخافة، ثم يبقى النظر في إصابته في اعتقاد الوجوب أو خطئه في ذلك، فإذا أخطأ في الوجوب أخطأ في المخافة، والمراد التعرض لمن أصاب فيهما، أو ثبوت التخوف على موجب الاعتقاد.
واختار أبو المعالي في حده: أنه الفعل المقتضى من الشارع الذي يلام تاركه شرعا. فذكر المقتضى لتخلص الواجب من الحظر والكراهة والإباحة بأمر يعود إلى الفعل، كما خلصه أولئك بذكر استحقاق الثواب على الفعل، وبقي عليه ما بقي على أولئك من مشاركة المندوب، فتخلص منه بإثبات اللوم على الترك، وعارض نفسه بالغلط، كما اعترض به على غيره، فقال: من ترك ما لا يعلم وجوبه لا يلام، وإن كان