شيئان أو أشياء، وبهذا طالبناكم، وعنه سألناكم، وأخبرناكم أنكم لا تجدون عنه جوابا أبدا، وهذا أوضح من فلق الصبح.
فهذه كلها مواقف إذا تأملتها علمت منها بطلان ما قالوه، واستبان لك أنهم لا جواب لهم عما ألزمناهم به أبدا، ولو أخذت في مشاحتهم في القوة المنمية من جهة المعنى، فقلت: هلا تمادى النمو إلى حد فوق الحد الذي بلغ النبات إليه؟ لم يجدوا عن هذا جوابا، سوى أنه ليس في قوة هذه القوة الزيادة على مقدار ما يبلغ النبات إليه، فيقال لهم: ولم كانت هذه الصفة؟ فلا يجدون عذرا إلا أن يقولوا: هكذا أبدعها مبدعها، فإضافة النماء إلى المبدع الحق، وهو الله سبحانه أولى.
ولو أخذت في أن تشاحهم في العبارة لوجدت في ذلك مساغا، فتقول: هل تولد البزر في النبات إلا ضرب من التنمية؟ وهل فرقان بين أن تفعل هذه القوة أخرى وهي ساق النسبلة، أو أخرى هي القمح في رأس السنبلة؟ وهل الجميع إلا نماء تولد عنها؟ فهلا قلتم ليس هاهنا في هذين الموضعين سوى قوة واحدة وهي المنمية؟ إلا أن تريدوا أن اختلاف صور الأجزاء النامية أوجب اختلاف التسمية في صورة النمائين خالفتم بين التسمية، فيكون هذا اصطلاحا منكم على هذه العبارة فمسلم، وإما أن يمتنع استصحاب هذه التسمية، التي هي القوة المنمية على البزر، فلا بعد فيه من جهة اللسان، وإذا كان معنى التسمية الموجب لحصول التسمية موجودا في البزر، وجوده في ساق النبات أكد هذا ما التزمناهم من اتحاد القوى، وإبطال ما قالوه في تعدياها.
وقد بسطنا القول في الرد عليهم في هذا النوع من القوى قليلا، لأنه سنستغني به عن المناقضة في بقية ما قالوه.
وأنت إذا تأملت ما بقى من تقاسيمهم، وما رددنا به هذا القسم خاصة، نقلت ما قلناه من الرد عليهم في هذا القسم إلى بقية الأقسام.
ثم إنهم لما نظروا أيضا إلى انتقال آخر، وميزة ثانية في أحد هذين النوعين، وهو الحيوان فوجوده قد تميز عن النبات بأنه يحس ويتحرك بالإرادة، بخلاف النبات فإنه لا يحس، وحركته طبيعية، لا بالإرادة، وإنما يتحرك على جهة واحدة وهي جهة النمو، قالوا: لابد لهذا أيضا من نفس أخرى غير نفس النبات التي هي كمال لجنسه، بذلك الكمال استحق أن يختص بقواه الثلاث، المولدة، والمنمية، والمغذية، وقصر هذا الكمال عن أن يستحق نفسا أخرى لبعده عن الاعتدال، التي تقرب إليه الحيوان، فكان كماله لقربه من