للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أحد يسمي مثل هذا استثناء. قيل: (ص ١٢٣) هذا تعاليل اشتقاقية لا يلزم طردها كالتعاليل العقلية، وكم للعرب من اسم مشتق لم يجروا فيه على اشتقاقه، وهذا منه.

وعلى هذا الاشتقاق والمعنى يكون حده: أنه كلام ذو صيغة مخصوصة محصورة دالة على أن المسمى فيه غير مراد بالقول الأول. وإن شئت قلت: بالقول المستثنى منه.

وقد حده بعض الأصوليين بأنه: إخراج بعض اللفظ بلفظ آخر مع اتصاله به. وتحرز بقوله: مع اتصاله به من التخصيص المتأخر عن وقت ورود الخطاب، ولكنه لم يتحرز عن التخصيص المقارن للخطاب، كقوله: قام القوم، لكن زيدا لم يقم. وقد انتبه إلى المناقضة بهذا التخصيص المتصل أصحاب الحد الأول، فقالوا: بصيغ مخصوصة، وإنما أشاروا بهذا إلى ما قلناه من التخصيص المتصل.

وهذا الحد إنما بني على القول بالعموم، وأما إن لم يقل به فينبغي أن يقال في الحد: إخراج ما يصلح دخوله في اللفظ، وقد تعقب على أصحاب هذا الحد لفظ الإخراج لما فيه من التجوز، وأن الإخراج الحقيقي لا يتصور فيه، وهذا خطب هين، لأن المجاز إذا اشتهر معناه لم يبعد التحديد به.

وأما انقسامه فإنه ينقسم إلى:

استثناء من الجنس كقولك: جاء القوم إلا زيدا، فزيد من جنس القوم.

وإلى ما لا يكون من الجنس، ولكن بينه وبين المستثنى منه علاقة ومناسبة كقولهم: ما بالدار أحد إلا الحمار، فالحمار وإن لم يكن من جملة الأحدين، فهو متعلق بهم، لأن الدواب والأدوات متعلقة بأصحابها على وجه ما.

وإلى ما لا يكون من الجنس ولا تعلق بينه وبين ما استثنى منه على حال كقولك: ما في الدار مسلمون إلا الكافرون.

وينقسم الاستثناء انقساما آخر من جهة أخرى فيكون استثناء من موجب، واستثناء من منفي، والاستثناء من المنفي ينقسم أيضا إلى ما نذكره في حكم الإعراب.

وأما تعداده فهو اثنا عشر حرفا: أمها وأصلها حرف "إلا" لكون هذا الحرف يتصرف في مواضع لا يتصرف فيها غيره من حروف الاستثناء.

وجملة هذه الحروف الاثني عشر: إلا، وغير، وبله، وسوى، وسواء، وسيما، وخلا، وعدا، وحاشا، وما خلا، وما عدا، وليس، ولا يكون.

وأما إعرابه فإن خمسة من هذه تعرب بالخفض، وهي: غير، وبله، وسوى، وسواء، وسيما، ويروى قول امرئ القيس:

<<  <   >  >>